ما هم الهكسوس

الهكسوس هم شعوب بدوية من أصول مختلفة دخلت مصر من الشرق في فترة ضعف خلال نهاية حكم الدولة الوسطى تقريباً في نهاية حكم الأسرة الرابعة عشر. لم يتفق خبراء التاريخ على أصلهم. ولكن الراجح أنهم أصحاب أصول آسيوية متعددة ، ومنهم من كان سامي الأصل، بحيث كانت أسماء ومعبودات الهكسوس سامية مثل بعل وعانة، وانتقلوا إلى بلاد الشام ثم إلى مصر.
      استمر احتلال الهكسوس لمصر حوالي مائة عام، ولم تكن إقامتهم فيها هادئة؛ بل قوبلت بكثير من الثورات والمقاومة من الشعب المصري.
لم تضف فترة احتلال الهكسوس إلى التاريخ المصري شيئاً يذكر؛ بل كانت فترة سلب ونهب وتخريب.. قدم الهكسوس لمصر بعض من التكنولوجيا الحربية التي كانت تستعملها الشعوب السامية من عربات تجرها الخيول والأقواس المركبة والفؤوس الخارقة والسيوف المنحنية. طرد الهكسوس بدأ بحرب شرسة شنها عليهم المصريون وانتهت بطردهم نهائياً على يد الملك أحمس الأول في عصر الأسرة الحديثة، ولم تقم لهم في تاريخ البشرية قائمة بعد ذلك.

      واصبح الهكسوس, حكام الأسرة الخامسة عشر في مصر, من أصول غير مصرية. وهناك العديد من النظريات حول هويتهم العرقية.، ويتجه أغلب علماء الآثار إلى اعتبارهم شعب سامي قادم من آسيا, حيث أسماء حكامهم, مثل خيان وصكير حار, تعتبر من الأسامي السامية. كانت مملكة الهكسوس تتركز في شرق دلتا النيل ومصر الوسطى, وكانت محدودة في المساحة حيث لم تمتد أبداً لتشمل صعيد مصر والتي كان يحكمها حكام مصريون من طيبة. يبدو أن علاقة الهكسوس بالجنوب كانت ذات طبيعة تجارية, ومع ذلك قمن الظاهر أن الأمراء الطيبيون اعترفوا بالحكام الهكسوس, وربما اضطروا لدفع جزية لفترة من الزمن. أقام حكام الأسرة الخامسة عشر من الهكسوس عاصمتهم ومقر حكومتهم في ممفيس والمقر الصيفي في زوان(أواريس, صان الحجر حالياً).

      وقد هاجموا أرض مصر بأعداد ضخمة لم يقدر المصريون على مقاومتها في بادئ الأمر، وقاموا بحرق المدن وتدمير المعابد وسبي النساء والأطفال. وبعد حرب شرسة مع المصريين اتخذ الهكسوس عاصمة لهم في شرق الدلتا أطلقوا عليها اسم "زوان" والتي كانت تعرف ب أورايس، وتركزت مملكة الهكسوس بشكل أساسي في الدلتا ومنتصف مصر. وساد الهكسوس تدريجياً لا بشكل مباشر، وكانت مصر السفلى (في شمال مصر) تخضع لحكمهم المباشر، أما مصر العليا (في جنوب مصر) (طيبة) وبلاد النوبة، فكانتا تخضعان للحكم المصري.

الملك ( سقنن رع - تاعا الثاني ) تاسع ملوك الاسرة السابعة عشرة ( حوالي عام 1590 قبل الميلاد ) والذي بدأ في عهده ثورة المصريين الحقيقية نحو طرد الهكسوس من مصر وزوال عصرهم الذي استمر تقريبا قرنا ونصف القرن من الزمان .. عاني خلالها الشعب المصري من التجاهل التام والظلم البين والاحتلال المنظم والحكم الغريب .. وظل يكظم غيظه وظلمه حتي حانت لحظة الانفجار في عهد هذا الملك.. وتعد فترة حكم الهكسوس لمصر غامضة بعض الشيء بالنسبة لعلماء الآثار لندرة بقاياها .. حيث يعتقد انه فور طرد الهكسوس من مصر علي يد ( أحمس الاول ) مؤسس الاسرة الثامنة عشرة قام المصريين بتدمير كل ما يخص الهكسوس .. فاندثرت سيرتهم واختفت معابدهم ومنازلهم ومقابرهم ..  نعود لسيره الملك سقنن رع والذي ذكرت قصة شيقة تخصه علي ورقة بردي تسمي ( سالييه الاولي ) تقول ان ملكا من ملوك الهكسوس في شمال الدلتا ادعي ان أصوات أفراس النهر في بحيرة طيبة في الجنوب تزعجه ، وطالب بقتلها والتخلص منها .. رغم أن المسافة بين مقر ملك الهكسوس في الشمال ومقر الملك سقنن رع في طيبة حوالي 500 ميل .. مما إعتبره الملك المصري إهانة بالغة له ولكل المصريين .. خاصة وأن أفراس النهر كانت من ضمن الآلهة المصرية التي يعبدها المصريين .. فقامت مصر كلها دفعة واحدة تحت لواء الملك الشجاع سقنن رع وبدأت الحروب نحو طرد الهكسوس من مصر .. ولكن .. في أحد المعارك التي قامت بين الطرفين .. وأثناء نوم الملك سقنن رع في ساحة المعركة .. تسلل بعض القتلة خلف الملك وهو نائم في مخدعه وطعنوه بخنجر تحت اذنه اليسري فغاص بعنقه .. فلم يقو الملك المغدور به من رفع يده بسبب عنصر المفاجأة فانهالت الضربات علي وجهه من البلط والعصي فهشمته .. وتم عمل تحنيط له علي عجل في قلب المعركة التي كانت بعيدة عن طيبة .. وترك المحنطين جسد الملك العظيم منكمشا كما كان في حالة الاحتضار ، حيث الرأس منكفيء ولسانه بارز من فمه يضغط بأسنانه توجعا وألما .. ولم يمسح وقتها سائل المخ الذي كان يجري علي جبينه .. وتوضح الصورة الرائعة المرفقة بوضوح مومياء سقنن رع ، ونري أحد الضربات القاتلة ببلطة واضحة علي رأسه ، وظهور أسنانه وهو يضغط عليها من شدة الألم .. وقتل العظيم سقنن رع في لحظة غدر مجهولة .. لا يعلم تحديدا هل كان وراءها الهكسوس أم أحد الخونة المصريين .. وخلفه أحد اخوته وكان يدعي الملك ( كامس ) .. واستكمل حروب التحرير .. حتي جاء من بعده الملك ( احمس الاول ) ونجح في طرد الهكسوس نهائيا من مصر .. ولكن الفضل في إشعال شرارة البدء كان ( سقنن رع ) .. أحد أشجع شجعان الملوك المصريين وصاحب العزة والكرامة ، فخلده التاريخ ووضعه من ضمن عظام ملوك الفراعنة .. رغم صغر سنه .. وحادثة إغتياله الرهيبة .. ولنا كل الفخر أن يكون هذا الرجل أحد أجدادنا القدماء ...........................وائل فكري