مأساة "كمشيش" صفحة سوداء في التاريخ المصري
فى عصر عبد الناصر وتحديدًا فى مايو 1966 اقتحمت المباحث الجنائية العسكرية قرية كمشيش إحدى قرى مركز تلا بمحافظة المنوفية وهناك حدثت أكبر مذبحة لكرامة الناس وأعراضهم وذلك على إثر مقتل صلاح حسين قتله أحد أبناء القرية فى مشاجرة عادية تحول حادث القتل إلى قضية كبرى تدخل فيها نظام عبد الناصر وأجهزته الأمنية والحربية فالقتيل ماركسى تزعم مجموعة من أهل البلدة كانت على خلاف وعداء مع عائلة الفقى - كبار ملاك الأراضى الزراعية بالقرية - صاحب ذلك تعرض العائلة لاجراءات استثنائية انتزعت منها أراضيها بل انتهى الأمر بإجبار العائلة على ترك البلدة بالكامل فى عام 1961 ولكن صلاح حسين ومجموعتة استمروا وعبر تنظيم الاتحاد الاشتراكى فى الدعوة إلى الفكر الماركسى مما أثار أهل القرية والشباب المتعلم فتصدوا لمجموعة صلاح حسين.. وانتهى الأمر بمقتله فى 30/4/ 1966 فى مشاجرة عادية بعيدًا عن الاختلافات الفكرية وعائلة الفقى لتبدأ مأساة هذة القرية.
أهل القتيل اتهموا عائلة الفقى لكى تأخذ القضية أبعاداً أخرى. وفى نفس الوقت كان نظام عبد الناصر يعانى من مشاكل داخلية وخارجية فاستغل الحادثة على نطاق واسع وتم تصوير الأمر على أنه عودة للإقطاع فدارت عجلة الإعلام الموجه للتأكيد على ذلك، ونوقشت القضية فى مجلس الأمة وتم التنكيل بعائلة الفقى وأهل كمشيش 314شخصاً –بالقرية فى -حضور حسين عبد الناصر- ثم بالسجن الحربى على مدار عامين، وتتوج هذه الحادثة مجموعة الجرائم البشعة التى ارتكبتها أجهزة عبد الناصر ضد المصريين بدءاً من سحق وتعذيب سجناء الرأى وإهدار كرامتهم مرورًا إلى مذبحة طرة 1957 وكرداسة 1965 وصولا إلى فظائع ما تسمى بلجنة تصفية الإقطاع ومذبحة القضاة 1969.
قال تقرير المحكمة التي حققت في حوادث التعذيب الذي تمَّ في قرية كمشيش بمحافظة المنوفية برئاسة المستشار عبد الحميد محمود عمر، في صيف العام 1966، واستمر التعذيب فيها حتى العام 1968:"إن الفترة التي جرت فيها أحداث هذه القضية هي أسوأ فترة مرت بها مصر طيلة تاريخها القديم والحديث. فهي فترة ذُبحت فيها الحريات، ووطئت فيها أجساد الناس بالنعال، وأقرّ الرجال فيها بالتسمّي بأسماء النساء، ووضعت ألجمة الخيل في فم رب العائلة وكبير الأسرة، ولُطمت الوجوه والرؤوس بالأيدي، كما رُكلت بالأقدام. وهُتكت أعراض الرجال أمام بعضهم، وجيء بنسائهم أمامهم وهددوا بهتك أعراضهن على مرأى ومسمع منهم، ودُربت الكلاب على مواطئة الرجال. والمحكمة لا يسعها إلا أن تُسجل أن المخلوق الذي ينسى خالقه، ويأمر الابن أن يصفع وجه أبيه أمام الناس، هو مخلوق وضيع وتافه".
23 يناير سنة 1978 فى قضية كمشيش عائلة ا لفقى فى محكمة الجنايات :
( كامل حجاج ( فلاح ) ضربوه على قدميه حتى انحلت أظافر قدميه من كثرة الضرب عليها . وشهد محمد السيد حلاوة بدير مدير الاصلاح الزراعى السابق بالمنوفية أنهم أطلقوا عليه الكلاب المتوحشة تنهش لحمه . وسمع من الجنود أنهم يأخذون أثنى عشر جنيها شهريا بدل تعذيب وشهد فاروق الفقى أن شمس بدران ـ وزير حربية عبد الناصر وحسين عبد الناصر ـ شقيق جمال عب
د الناصر ـ حضرا للسجن أكثر من مرة وشهد المزارع توفيق عبد الستار أن المتهمين الضباط والجنود الذين كانوا يقومون بالتعذيب ـ أمروه أن يلحس الحيطان بلسانه حتى سالت منه الدماء . وأن المتهم سعيد بدوى ـ أحد الجنود الذين كانوا يعذبون ـ يبصق فى كوب ماء ويجبر صلاح الفقى على شربه وشهد رفعت رمضان المدرس أنهم أمروه أن يبصق على وجه والده فلما رفض ضربوه حتى سقطت أسنانه ـ وشهد المزارع سعد نصار أنهم ضربوه حتى فقد سمعه ) .