Eid Al Said Admin
التوقيت :
عدد المساهمات : 706 النشاط : 1733 الجنس : التقيم : 0 تاريخ التسجيل : 09/08/2013
| موضوع: ما لا يعرفه الإخوان عن كاهنهم الأكبر (1) مع باقى الحلقات حتى تاريخه الأحد ديسمبر 08, 2013 5:59 pm | |
|
لواء أح متقاعد/ حسام سويلم
ما لا يعرفه الإخوان عن كاهنهم الأكبر.. سيد قطب يزدري الوطنية ويدعو لمحاربة الوطن، والولاء عنده للجماعة فقط الحلقة الأولى مقدمة لم تكن الشماتة الدنيئة التي أظهرتها جماعة الإخوان في هزيمة المنتخب الوطني لكرة القدم أمام فريق غانا أخيرًا غريبة على هذه الجماعة الخائنة، حيث احتفلوا بصخب بهذه الهزيمة واعتبروها – ما شاء الله – (انتقامًا ربانيًا)- لقيام المصريين بخلع الرئيس الخائب الفاشل والخائن محمد مرسي “,” “,” ، وتخلصهم من نظام حكم الإخوان البغيض الذي جثم على أنفاسهم عامًا أسود كاملًا، ذاقوا فيه صنوفًا من خيانة وغدر الإخوان لمصر وشعبها، ووجه عدم الغرابة في هذه الشماتة أنها انعكاس طبيعي لأمراض الخيانة والغدر والخسة والندالة والحقارة، التي تتسم بها أخلاقهم وتسرى فيهم مسرى الدم في العروق، ليس اليوم فقط، “,” “,” ولكن منذ نشأة هذه الجماعة، عندما زرع قادتها وعلى رأسهم صنمهم المعبود حسن البنا، وكاهنهم الأكبر سيد قطب كراهية وازدراء الوطنية والقومية، وإعلاء قيم الولاء والانتماء فقط للجماعة وتنظيمها الدولي، الذي يخطط ويمول ويشرف على الأعمال الإرهابية التي ترتكبها الجماعة في أنحاء مصر . “,” “,” ولم تكن شماتة الإخوان في هزيمة فريقنا الكروي في غانا إلا تكرارًا لشماتة أخرى عندما فرحوا بهزيمة الجيش في حرب 1967 وادعوا أنها عقاب إلهي للجيش الذي كان يحكم مصر بقيادة عبدالناصر، وزعموا أن هذه الهزيمة انتقام من عبدالناصر، الذي قام باعتقالهم في عامي 1954، 1965، وهو نفس ما يكررونه اليوم من معايرة الجيش بهذه الهزيمة، والتي كانت لها أسباب وظروف خاصة، لم يكن للجيش يد فيها، بدليل أنه بعد ست سنوات فقط من هزيمة 67، أمكن لنفس الجيش بمعظم القادة الذين كانوا آنذاك رتبًا متوسطة، أن يحققوا انتصار أكتوبر 73 العظيم بعد أن تولوا المناصب القيادية في الجيش، “,” “,” وأن يتم تحرير سيناء حتى آخر حبة رمل في طابا في عام 1989 في الوقت الذي ما زالت فيه باقى الأراضي العربية التي احتلت في الجولان والضفة الغربية وغزة تحتلها اسرائيل منذ 46 عامًا لم تطلق فهيا طلقة واحدة ومن المؤكد أن سعادة الإخوان كانت ستكون أعظم لو – لا قدر الله – انهار الجيش في 1973، ولكن فضل الله على هذا البلد رد كيدهم إلى نحورهم، وتم تحرير سيناء التي كان يريد نظام الإخوان بزعامة مرسي أن يستقطع 750 كم2 من شمالها ليقدمها هدية إلى حماس فرع الإخوان في غزة بدعوى «هم منا ونحن منهم» وإذا عدنا إلى ما حدث في غانا أخيرًا، فستجد أن كراهية الإخوان لبلدهم مصر وجيشها ليس لها حدود، “,” “,” يتمثل ذلك في جماعة الإخوان الذين ذهبوا إلى هناك خصيصًا لتنفيذ مخطط الشماتة، هم ومن يعملون منهم في دول غرب إفريقيا، حيث كان الهدف واحد وهو ضرب الوطن نفسه ولكن على أرض غانا، حيث فوجئ فريقنا الكروي بهتافات تنطلق باللهجة المصرية ضد الجيش المصري وقائده الفريق السيسي، من قبل الإخوان المقيمين والقادمين من مصر، وكان هدفهم واضحًا في الاساءة إلى مصر وجيشها ونظام الحكم الجديد الذي طرد الإخوان من السلطة بثورة شعبية عارمة ساندها الجيش في 30 يونيو الماضي، والانتقام من هذا الجيش الذي بدّد حلمهم في حكم مصر 500 سنة قادمة على حد قول مرسي للفريق السيسي، وهو ما يؤكد أن كل نضال الإخوان عبر 85 عامًا منذ قيام جماعتهم كان ولا يزال الوصول إلى السطلة والحكم، وما الشعارات الدينية التي يرفعونها إلا مطيتهم التي يتاجرون بها ويدجلون ويخدعون الشعب بها لتوصلهم إلى الحكم .
جذور ازدراء الوطنية في الفكر الإخواني لم يكن غريبًا أيضًا، ولا غير متوقع ما صدر عن معظم قادة الإخوان في الآونة الأخيرة، من تصريحات تزدري الوطنية وتُحقر من شأن القومية العربية، مثل تلك التي قالها المنافق والكذاب صفوت حجازي، في اعتصام رابعة عن إدخال مصر في دائرة إمارات إسلامية عاصمتها القدس وليس القاهرة، ثم بعد القبض عليه أنكر كل ما قاله بل ونفى انتماءه لجماعة الإخوان أصلا ومعارضته لمرسي، وكان قبل ذلك يحمله الإخوان في رابعة على أعناقهم رافعًا عقيرته، وصائحًا بحتمية عودة مرسي للحكم، ومطالبًا أتباعه باقتحام مقار الحرس الجمهوري ووزارة الدفاع، واعدًا إياهم بوجود مرسي بينهم في رابعة لتناول الإفطار معهم في رمضان والكعك في عيد الفطر، الأمر الذي استحق معه احتقار وازدراء الجميع له من الإخوان وغيرهم!! “,” “,” مما يدل على النفوس الوضيعة والتردي الاخلاقي الذي وصل إليه قادة الإخوان ويربون أتباعهم عليه، فهل تصيبنا الدهشة بعد ذلك أن نرى قادة الإخوان – أمثال المرشد السابق مهدي عاكف – من يقول «طظ في مصر واللي جابوا مصر، أنا أقبل برئيس من ماليزيا»؟! أو نسمع مرشدهم الحالي محمد بديع يخاطب رئيس حماس اسماعيل هنية قائلًا: «كنت أود أن أراك رئيسًا لوزراء مصر»، بل ويعد الفلسطينيين في حركة حماس بأن يعطيهم أولوية التوطين في أراضي سيناء، وأن يمنح خمسين ألفًا منهم الجنسية المصرية، وأن يوافق مرسي على زيادة عدد أنفاق التهريب عبر الحدود مع غزة من 600 نفق إلى 2000 نفق ويمنع قوات الجيش من هدمها، بل ويوافق على إقامة منطقة حرة على الحدود مع غزة ليكون التهريب ليس فقط تحت الأرض ولكن أيضًا فوق الأرض، قائلًا عن حلفائه في حماس «هم منا ونحن منهم »!!
كل ذلك وغيره الكثير من تصريحات وكتابات الإخوان ترجع إلى أساس عقائدي يسعى إلى تخريب المجتمع المصري وهدم كياناته، بزعم أن الولاء يكون للعقيدة فقط، لا للوطن ولا للأهل والأرض، وكأن هناك تناقضًا وانفصالًا بين ولاء المسلم لعقيدته وولائه لوطنه وأرضه وأهله أما ولاء المسلم للعقيدة في نظر الإخوان، فهو فقط للمرشد والجماعة في البلد الذي تقام فيه الشريعة طبقًا لتوجهاتهم السياسية مثل السودان في ظل حكم البشير، وأفغانستان تحت حكم طالبان، وغزة تحت سيطرة حماس، أو إيران التي يحكمها نظام الملالي.. إلى غير ذلك من الأفكار الهدامة والمدمرة للدولة والمجتمع والانسان على كل الاصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية .
أ.. تكفير المجتمع المصري واعتباره (دار حرب ) وإذا رجعنا إلى الفكر المتطرف والهدام والمنحرف الذي رسّخه كاهن الجماعة الأكبر – سيد قطب – في عقول الإخوان منذ ثمانين عامًا، ويجرى تجديدها من حين لآخر على أيدي قادة الاجيال المتعاقبة، فسنجده يندرج تحت شعار «الحاكمية»، وما يحمله هذا الشعار من تكفير لجميع المجتمعات الإسلامية، وتقسيم البلاد إلى دار حرب ودار إسلام، والتحريض على تخريب المجتمع للاستيلاء على السلطة باسم الدين، واستحلال القتل وسفك الدماء تحت شعارات الجهاد والزعم باغتصاب سلطان الله في الأرض فنجد أنه من أجل قتل الولاء والانتماء للوطن في نفوس المصريين، يُحقر في كتابه «في ظلال القرآن» ص 105 من شأن الوطن والوطنية، فيزعم أن الوطن «ليس أكثر من قطعة طين»، كما يزدري جنسية البلد التي يحملها الانسان فيصفها بأنها «نتن عصبية النسب»، ويفرق بين انتماء المسلم لدينه وانتمائه لوطنه، زاعما باستحالة الجمع بينهما في قلب المسلم، ويتحول الوطن والقوم والأهل في رؤية سيد قطب إلى مجرد «كلأ ومرعى وقطيع وسياج»، وبالتالي فإن كل من يشعر بالانتماء للوطن والأهل والأرض فهو أشبه في نظره بـ (البهائم)!! “,” “,” وإذا انتقلنا إلى ص707 من نفس الكتاب فسيجد سيد قطب يحض أتباعه على عدم القتال دفاعًا عن الاوطان فيقول: «إن المسلم لا يقاتل لمجد شخصي ولا لمجد بيت ولا لمجد دولة ولا لمجد أمة ولا لمجد جنس وإنما يقاتل في سبيل الله»!! وبالطبع فهذه دعوة إلى فتنة لا يطمع أعداء الله والوطن في أكثر منها لدفع أبناء الوطن لنبذ الدفاع عنه باسم الدين. ولا يكتفى سيد قطب بطرح هذه السموم في كتابه المشار إليه آنفا، بل نجده أيضا في كتابه الآخر «معالم في الطريق»-والذي يصفه عن حق الكاتب المنشق عن الجماعة د. ثروت الخرباوي قائلًا: «إلههم المرشد، وقرآنهم معالم في الطريق»، يقول سيد قطب “,” “,” «إن الوطن ليس أرض مصر، وإنما الوطن هو الدين الإسلامي، وأن الأرض المصرية ليست سوى الطين والسكن»!! وقد اعترف أحد القيادات المنشقة عن الإخوان في إحدى الفضائيات، أنه قد انضم في سن الخامسة عشر عامًا إلى الجماعة، وتم تلقينه أن الأرض المصرية ليست سوى مساحات من الطين والرمل، وأن حب هذه الأرض كوطن هو نوع من الكفر، لأن الطين والرمل يصنع منها التماثيل، وهي أوثان، ومن ثم فإن الوطنية والحب والعشق لهذه الأرض يعد نوعا من الكفر!! وقد اعترف بأنه لم يكتشف زيف هذه المقولات الغبية إلا بعد أن بلغ عمره الثلاثين عامًا، حيث أدرك أن مصر الوطن، ليست الأرض فقط ولكنها البشر والطين والحجر والحيوان والنبات والنيل والتاريخ والحضارة معا. لذلك فإن المقولة البذيئة لمهدى عاف السابق الإشارة إليها لم تصدر عنه من فراغ، بل هي تأكيد لمزاعم سيد قطب بأن الإخواني لا يعترف بالوطن أو بالمواطنة، أو بالانتماء والارتباط بين المصري ووطنه، ولكنه يعتقد أن الوطن هو المبادئ الإخوانية المزعومة من الجماعة الإرهابية باعتبارها في نظرهم “,”الإسلام الصحيح“,”، وأن غير أعضاء الجماعة غير مسلمين وكفار يعيشون في عصر «الجاهلية الثانية» بعد الجاهلية الاولى قبل الإسلام. أما رسالة جماعة الإخوان كما حددها سيد قطب هي «إعادة الجاهلين المصريين وغيرهم من الشعوب الإسلامية إلى حظيرة الايمان الإخوانية، ونشره هذه المبادئ في كل الدول الإسلامية من إندونيسيا حتى أمريكا، وعلى رأسها إعادة الخلافة الإسلامية العالمية، “,” “,” والتي يكون فيها مرشد الجماعة هو خليفة المسلمين. فهل تصيبنا الدهشة بعد هذه الفتاوى الهدامة لسيد قطب أن يأتي عضو من الإخوان هو شكري مصطفى زعيم جماعة التكفير والهجرة والتي اغتالت وزير الاوقاف الأسبق الشيخ حسن الدهبي عام 1977 فيقول في ص 1540 من التحقيقات «إذا اقتضى الأمر دخول اليهود أو غيرهم فإن الحركة حينئذ ينبغي أن لا تبنى على القتال في صفوف الجيش المصري وإنما الهرب إلى أي مكان آمن.. أن خطتنا هي الفرار من العدو الوافد تماما كالفرار من العدو المحلي وليس مواجهته»، ثم دعا شكري مصطفى أتباعه إلى أن يفسدوا أسلحتهم إذا أُجبروا على القتال!! وهكذا يضع هؤلاء المتأسلمون المتطرفون اليهود والمسلمين في كفة واحدة، فهل هناك دعوة سافرة للخيانة أبلغ وأحط من ذلك؟ !
ب-رفض الدفاع عن الوطن في مواجهة الاعداء وللرد على التلاعب بالألفاظ من جانب سيد قطب لإخفاء هدفه في تنفير المسلمين من الدفاع عن أوطانهم فإننا نطرح سؤالًا بديهيًا: أليس الدفاع عن الأرض والوطن والدولة والأمة والبيئة والبيت والأهل والثروات في مواجهة الأعداء حتى يسلم الوطن من تهديداتهم وشرورهم، وحتى يكون الناس فيه آمنين مستقرين وقادرين على إقامة شعائر دينهم، وأن يحفظوا تقواهم هو عين القتال والجهاد في سبيل الله؟؟ ثم ما هو الوطن؟ أليس هو الأرض والأهل والثروة والمقدسات وكل الحرمات، ومن ثم فإن الدفاع عن كل هذا هو في ذات الوقت دفاع عن الدين والعقيدة؟ وأليس ذلك امتثالًا للحديث الشريف: «من مات دون أرضه فهو شهيد، ومن مات دون ماله فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد»؟؟
وفي كتابه (معالم في الطريق) يروج سيد قطب في ص149 لتقسيم باطل ليس له أي دليل من كتاب الله وسنة رسوله، حيث يقسم البلاد إلى ما يسميه “,”دار الحرب“,” و“,”دار السلام“,”، ولا ينسب البلاد إلى إسلام أهلها أو كفرهم، وإنما إلى الحاكم وحده.. فاذا كان الحاكم يطبق الشريعة الإسلامية طبقًا لمفهوم الإخوان الخاطئ فإن البلد يكون (دار سلام)، واذا لم يلتزم الحاكم بتطبيقها تكون البلد «دار حرب» وتكون علاقة المسلم بها إما القتال وإما المهادنة على عهد أمان، ولا ولاء بين أهلها وبين المسلم!! وتتضح خطورة هذا التقسيم حين ندرك أن حكم المسلمين في دار الحرب عند سيد قطب أنهم (حلال الدم والمال والعرض) فيقول في ص 157 «يحاربها المسلم ولو كان فيها موعده وفيها قرابته من النسب وفيها صهره وفيها أمواله ومتاعه»!! كما يحكم سيد قطب بتكفير هؤلاء المسلمين طالما أن الحاكم لا يطبق الشريعة فيقول في ص 116 «ليس المجتمع الإسلامي هو الذي يضم ناسًا ممن يسمون أنفسهم مسلمين بينما شريعة الإسلام ليست هي قانون هذا المجتمع، وإن صلى وصام وحج البيت الحرام»!! وهكذا يحكم سيد قطب بإنكار المسلمين جميعًا، إذا لم يطبق الحاكم شريعة الإسلام على زعمهم!! أليست وثيقة خيرت الشاطر التي أصدرها عام 2005 تحت عنوان «فتح مصر» تطبيقًا حرفيًا لمزاعم سيد قطب عن تكفير المصريين ووجوب إعادتهم للإسلام بواسطة جماعته، حيث ينكر سيد قطب في نفس الصفحة إسلام المصريين قائلًا: «ليس هذا إسلامًا وليس هؤلاء مسلمين.. والدعوة اليوم إنما تقوم لترد هؤلاء الجاهلين إلى الإسلام ولتجعل منهم مسلمين من جديد»!! وفي مواجهة هذه الدعوة الخطيرة في تكفير المسلمين التي يروج لها سيد قطب نتوقف لندرك الحقائق الآتية :
أ-ان تكفير المسلمين بدعوى خروج الحاكم عن الالتزام بالشريعة الإسلامية هو سلوك يتعارض تعارضًا كاملًا مع قوله تعالى: «ولا تزر وازرة وزر أخرى» (الانعام 164) فإيمان أو كفر أي إنسان هو أمر شخصي يرتبط به وحده ويتعلق فقط بما يستقر في قلبه من معتقد في أركان الايمان، وليس له أية علاقة بإيمان أو كفر أي إنسان آخر بما في ذلك الحاكم، فلا يضار المؤمن مطلقًا في إيمانه بضلال أي انسان آخر كائنًا من كان مصداقًا لقوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم» (المائدة 105 ).
ب-إن هذا المنهج الذي ينتهجه الكتاب في رمي المسلمين بالكفر هو مسلك بالغ الخطورة، وقد حذرنا المولى عز وجل من ولوج هذا الباب في التكفير في القرآن والسنة الشريفة، في قوله تعالى: «وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون» (المائدة 61)، حيث تؤكد هذه الآية أن الانسان لو دخل على جماعة وهو يعتقد في نفسه الايمان دون غيره ورماهم بالكفر وهم ليسوا كذلك فقد حمل هو وزر هذا الكفر وخرج به. يؤكد هذا المعنى الحديث الشريف «لا يرمى رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك»، كما يقول في حضرته «اذا كفر الرجل اخاه فقد باء بها أحدهما ».
جـ-تقويض المجتمع المصري بدعوى جاهليته ولان دعوة سيد قطب إلى خلع الولاء والانتماء للوطن تستهدف في الأساس تخريب المجتمع المصري وتقويضه، نجده بعد خطوته الأولى في تكفير المجتمع المصري وأهله ووصمه بالجاهلين، نجده ينتقل إلى الخطة التالية التي تكشف هدفه الحقيقي من وراء ذلك، وهو عدم وتقويض وتخريب هذا المجتمع ليقيم على أنقاضه ما يطلق عليه المجتمع الإسلامي، وأن المنوط بهذه المهمة هم جماعة الإخوان المسلمين، فنجده يدعو أتباعه إلى الانضمام في تنظيم حركي يستهدف الاستيلاء على الحكم وإزالة الأنظمة القائمة، وقطب في دعوته الخطيرة هذه يصور الأمر كله باعتباره جهادًا في سبيل الله ومنهجًا يأمر الإسلام باتباعه والالتزام به، وأن إقامة مثل هذه التنظيم هو أساس في بناء العقيدة الإسلامية ذاتها فيقول في ص45 من (معالم في الطريق) «إن العقيدة الإسلامية يجب أن تتمثل في نفوس حية وفي تنظيم واقعي وفي تجمع عضوي ».
ثم يدعو سيد قطب أعضاء هذا التنظيم الذي هو جماعة الإخوان بعد ذلك – إلى أن يكون ولاؤهم الكامل في كل أمورهم بقيادة هذا التنظيم، وأن ينزعوا تماما كل ولاء لهم للمجتمع الذي يعيشون فيه، فيقول في ص57: «يجب أن يعمل أعضاؤه تحت قيادة مستقلة عن قيادة المجتمع الجاهلي»، ويزعم أن ذلك أساس فيما يسميه بالقاعدة النظرية للإسلام، فيقول: «لم يكن بد أن تتمثل القاعدة النظرية للإسلام أي العقيدة في تجمع عضوي حركي منذ اللحظة الأولى.. لم يكن بد أن ينشأ تجمع عضو حركي آخر غير التجمع الجاهلي.. منفصل ومستقل عن التجمع العضوية الحركي الجاهلي الذي يستهدف الإسلام القاءه». ثم يلح على عقول أتباعه بعدم الانتماء للمجتمع والوطن المصري المقيمين فيه بعد اتهامه بالجاهلية ودفعه بالكفر، فيقول في ص56 «أن يخلع كل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ولاءه من المجتمع الحركي الجاهلي الذي جاء منه، ومن قيادة ذلك المجتمع سياسية واقتصادية واجتماعية وأن يحصر ولاءه في التجمع الحركي». بل يدعو المؤلف المسلمين صراحة إلى عدم المشاركة في هذا المجتمع الجاهلي»، ويحذرهم من كل عمل يؤدي إلى ما يسميه بـ (تقوية المجتمع الجاهلي)، كما يحذرهم من أن (يظلوا خلايا حية في كيانه تمده بعناصر البقاء والاستمرار أو أن يعطوه كفاياتهم وخبراتهم ونشاطهم ليحيا بها ويقوى ثم يفصح سيد قطب صراحة عن الهدف النهائي لجماعة الإخوان بعد أن تقوى بانضمام عدد كبير من الأعضاء اليها ممن يكون ولاؤهم الكامل لقيادة الجماعة – والمتمثلة حاليًا في مكتب الارشاد والتنظيم الدولي للجماعة – ويحدد هذا الهدف في ازالة الانظمة السياسية والحكومات والاستيلاء على الحكم فيها، فيقول في ص 56 محددًا هدف الجماعة «تحطيم الانظمة السياسية أو قهرها» ويؤكد هذا المفهوم ص 71، «إن الإسلام ليس مجرد عقيدة فهو يهدف ابتداء إلى إزالة الانظمة والحكومات التي تقوم على أسس حاكمية البشر للبشر ».
ثم تصل دعوته إلى أقصى درجات الخطورة حين يُصوِّر محاربة الحكومات القائمة والاستيلاء على الحكم باعتبارها جهادًا في سبيل الله، فيقول في ص64: «يجب أن تواجه الحركة الإسلامية هذا الواقع كله بما يكافئه.. تواجهه بالقوة والجهاد لإزالة الانظمة والسلطات القائمة عليها».. ويعتبر دعوته هذه تحقيقًا لما يسميه بالمذهب الإلهي فيقول في ص85 أن الانطلاق بالمذهب الالهي تقوم في وجهه عقبات مادية من سلطة الدولة ونظام المجتمع وأوضاع البيئة.. وهذه كلها هي التي ينطلق الإسلام ليحطمها بالقوة ».
انعكاسات الفكر الهدام لسيد قطب على الواقع الإخواني اليوم وإذا طبقنا دعوة سيد قطب الهدامة هذه على الواقع المصري اليوم، وما ترتكبه جماعة الإخوان من جرائم إرهابية عبر تاريخها الدموي الطويل عن عمليات اغتيال ومهاجمة أقسام شرطة ومديريات أمن ومحاكم وبنوك ومؤسسات عامة وخاصة وكنائس ومساجد، فضلًا عن محاولات اختراق الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية، ناهيك عن سرقة أموال المصريين بواسطة شركات توظيف الأموال المسماة باطلا بـ (الإسلامية)، فسنجد جرائم الإخوان التي ترتكبها اليوم على كل الساحة المصرية هي ترجمة عملية وواضحة وتنفيذا لهذه المعالم الهدامة التي أرساها سيد قطب منذ خمسينات القرن الماضي. بل نرى في ثمانينات القرن الماضي أحد كوادر الإخوان – وهو القاضي عبدالجواد يس يعيد تأكيد هذه الدعوة المتأصلة إلى نبذ الولاء الوطني وذلك في كتابه (مقدمة في فقه الجاهلية المعاصرة) والذي يزعم فيه بوجود تعارض بين الوطنية والإسلام، ويدعى أن الوطنية هي (مبدأ وتصور جاهلي)، كما يهاجم صراحة كل دعوة إلى الانتماء العربي أو المصري فيقول في ص178 «ما تفتأ الفئة الحاكمة تردد على مسامع الناس في الماضي لحوح شعارات من نوع (القومية العربية) و(الوطنية المصرية) وشعارهم القائل مصر قبل كل شيء، ومصر فوق كل شيء). وينكر هذا المؤلف الإخواني أن يعمل المصريون على تقدم مصر ومجدها فيقول في ص180 «وما هكذا تصاغ المسألة في الإسلام – فمنطوق الهدف في الإسلام هو إنشاء المجتمع الرباني.. أما منطوق الهدف هنا فهو مجد مصر».. ثم يقارن بين الهدفين وكأن هناك تناقضًا بينهما، فيكشف عن خبيئة نفسه الحاقدة على بلده التي تأويه، فيقول في ص181 «ويمكننا المقارنة العابرة من الموقف على ضخامة الهدف وسمومه هناك على ضخامة الهدف وسموه هناك وعلى تفاهة الهدف هنا.. فما أبعد البوق وما أعظم الفرق.. لا لمصر العروبة أو مصر القومية أو مصر المجد»!! إلى هذا الحد وصل هذا المؤلف الإخواني في كراهيته وحقده على بلده مصر.. ولو أن يهوديًا معاديًا لمصر أراد أن يعبر عن عدوانه وكراهيته لمصر فلا نتوقع أن يستخدم الفاظًا أشد سمية وكراهية من هذا المؤلف الحاقد على بلده، والذي دعا في النهاية إلى عدم الدفاع عن مصر ضد أعدائها إذا ما تعرضت لهجومهم بدعوى أن المسلم يدافع عن الإسلام لا عن الاوطان!! وأن يستعد المسلم لمحاربة أهله ومجاهدة وطنه ومقاتلتهم إذا ما اقتضى الأمر.. فيقول بالحرف الواحد في ص105 “,”عندما تنسلخ الأوطان من رداء الإسلام ينحسر عن المسلم واجب الدفاع عنها والجهاد في سبيلها.. بل وقد يجد نفسه ملزمًا بمجاهدة وطنه ومقاتلة أهله !!
ولقد آتت تعاليم سيد قطب بنبذ الولاء والانتماء الوطني ثمارها المسمومة اليوم ليس فقط فيما يمارسه الإخوان من أعمال إرهاب وعنف وقتل وتخريب على كل الساحة المصرية، بل أيضًا وهو الأدهى والأمر إلى ممارسة خيانة الوطن مصر باستعداء القوى الخارجية ضد مصر ودعوتهم لاحتلالها وضرب الجيش المصري وتفكيكه ومنع السلاح وقطع الغيار عنه فقد شاهدنا من زعماء الإخوان من يطالب الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بإرسال قواتهم إلى مصر لإسقاط النظام الجديد الذي قام بالثورة الشعبية في 30 يونيو، وأسقطت نظام حكم الإخوان، ومطالبة الأمريكيين والأوروبيين بإعادة مرسي بالقوة إلى كرسي الحكم رغم أنف الشعب والجيش المصريين، وكان شيخهم الخائن والتعيس والخسيس المدعو يوسف القرضاوي على رأس من طالب التدخل الأجنبي ضد مصر من فوق منبر مسجد عمر بن الخطاب في الدوحة، بل وسمعنا وشاهدنا خطباءهم في اعتصام رابعة يبشرون من فوق المنصة «أبشروا بنزول 7000 من جنود المارينز الأمريكان في السويس» وسط صيحات «الله أكبر» من قبل قطيع الإخوان المتجمع في ذلك الاعتصام .
إن خيانة الإخوان لمصر لم تقتصر فقط على ما سبق أن ذكرناه في حلقات سابقة عن استعدادها للتنازل عن حلايب وشلاتين في جنوب مصر لحليفها الإخواني البشير في السودان، وسلخ 750كم2 من شمال سيناء ومنحها إلى جماعة إخوان غزة (حماس) بدعوى «هم منا ونحن منهم» على حد قول مرشدهم مهدي عاكف، كذلك تسليم مفاتيح التنمية والاستثمار في منطقة القناة لمركز الخيانة في العالم العربي المسماة لقطر، بل لقد وصلت الخيانة بجماعة الإخوان خلال عام الشؤم الذي حكمت فيه مصر إلى تنازلها سرًا لإسرائيل وتركيا، عن الحقوق الوطنية لمصر في حقول الغاز المكتشفة في البحر المتوسط، ووافقت على التنازل رسميًا بعدم المطالبة بحق الشعب المصري في هذه الحقول التي تكفى احتياجات البشرية لعشرات السنين القادمة. وهكذا تكتلت جميع الدول المعادية لمصر – اسرائيل وقطر وتركيا – مع جماعة الإخوان في منع مصر من تحقيق أي مصالح وطنية ترفع من شأنها اقتصاديًا واجتماعيًا، وبذلك تتضح معالم العقيدة الإخوانية التي أرساها كل من حسن البنا وسيد قطب التي لا تعترف بمصر وطنًا لهم، بل كانت مصر – في تطبيقات إخوان اليوم لهذه العقيدة ولا تزال – قاعدة وركيزة لتحقيق الحلم الإخواني للسيطرة على المنطقة انطلاقًا من مصر، وأن التنازل عن حقوق مصر لصالح تركيا الأردوغانية هو عمل يتفق مع أهداف الجماعة .
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فلا يمكن أن ننسى يوم أن وقف عضو مكتب الارشاد محمد عبدالمقصود، أثناء احتفالات أكتوبر 2012 التي حضرها جميع القتلة والسفاحين، معلنًا نهاية زمن مصر للمصريين، حيث تثبت هذه الكلمات أن جماعة الإخوان تعتبر مصر وثرواتها ملكًا لأي إخواني في ماليزيا أو تركيا أو غزة أو السودان أو ليبيا، ولم يكن يعلم هذا الخائن أن هذا الشعار رفعه «طلعت حرب» في مواجهة استيلاء الانجليز على ثروات الشعب المصري، واليوم يثبت قادة الجماعة للمرة الالف أن لا فرق بين الاحتلال الانجليزي لمصر والاحتلال الإخواني لها .
وحتى بعد سقوط الإخوان المدوي في نظر المصريين في 30 يونيو 2013، ومع احتفالات المصريين بالذكرى الأربعين لانتصار حرب أكتوبر المجيدة، نجد جماعة الإخوان تمارس أحط وأبشع وأقذر صور الخيانة، وبما يؤكد انتفاء الوطنية لدى أتباعها، حيث وضعت بصماتها السوداء في أكثر من مكان في مصر، سواء بتخريب المنشآت العامة والخاصة، أو بإطلاق النار عشوائيًا على مواقع الجيش والشرطة، وأيضا المواطنين الأبرياء الذين كانوا يحتفلون بهذا اليوم التاريخي لانتصار جيشهم، محاولين تفجير محطات المترو بالقنابل والمتفجرات واحتلال الميادين والاعتصام بها، فكانت النتيجة سقوط أكثر من 50 قتيلًا ونحو 300 مصاب من المتظاهرين ومن الأهالي الذين تصدوا لهم في أرجاء البلاد، بل لقد وصل الأمر بأحد مُدِّونيهم في مواقع التواصل الاجتماعي التي راجت في هذه الذكرى إلى أن يصف انتصار أكتوبر بأنه «عدوان على اليهود المسالمين»، حيث كتب «قامت ميليشيات القاتل الخائن أنور السادات في مثل هذا اليوم قبل 40 عامًا بقصف المعتصمين اليهود السلميين المرابطين شرق قناة السويس، فقتلت وجرحت الآلاف منهم، ونجحت في فض الاعتصام»!! فهل بعد هذا القدر من السقوط في مستنقع الخيانة نستغرب على الإخوان الخونة وحلفائهم في سيناء اليوم، يمارسون جرائم القتل والتخريب ضد قوات الجيش المصري وقواته في سيناء بأبشع مما فعله الجيش الاسرائيلي هناك عبر سنوات احتلاله الست لسيناء؟ !
ورغم مسلسل الفشل المتتالي الذي منيت به جماعة الإخوان في اثارة الشعب المصري ضد نظام حكمه الجديد، حيث لم تفلح جميع العمليات الإرهابية التي مارسوها في كسر ارادة المصريين، بل زادت من إصرارهم على نبذ هذه الجماعة واستئصالها جذريًا من الجسد المصري، إلا أن تنظيمهم الدولي لا يزال ماضيًا في مسلسل الخيانة حيث يواصل اجتماعاته بين تركيا ولاهور وقطر، ليخطط التصعيد الإرهابي ضد مصر، ومحاولة تفعيل تنظيم للاستفتاء على الدستور الجديد، خاصة أن إقرار هذا الدستور قبل 25 يناير القادم يمثل ضربة قوية لخطة التنظيم الدولي، حيث سيستتبعه بعد ذلك تنفيذ باقي استحقاقات العملية الدستورية من انتخابات رئاسية ثم برلمانية ثم تشكيل حكومة وطنية تقود البلاد إلى بر الأمان بعيدا عن أيادي الإخوان الخونة، وما شاهدناه أخيرا من استهداف وزير الداخلية ومقر جهاز المخابرات الحربية في الإسماعيلية وضرب لكنيسة الوراق إلا بعد مظاهر تنفيذ مخططات التنظيم الدولي للإخوان، والذي رصدت له الجماعة ومعها قطر 5 مليارات دولار .
ثم يمضي مسلسل الخيانة على الصعيد الخارجي بقيام ما يسمى بـ «التحالف الوطني لدعم الشرعية» الذي تتزعمه جماعة الإخوان المحظورة قانونًا، بتنظيم جولة أوروبية بهدف تحريض بعض الدول الأوروبية ضد نظام الحكم الجديد في مصر وضد الجيش، ليلتقي بالعديد من المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، والبعثات الدبلوماسية في الأمم المتحدة، بل ويشترون الإعلام الدولي مثل صحيفة (الجارديان) البريطانية، وجريدة (فرانكفوتر الجمانية) الألمانية بنشر صفحات مدفوعة الأجر وذلك للتنديد بثورة 30 يونيو، إلا أن صحيفة بريطانية محترمة هي (الفاينانشيال تايمز) وجهت لطمة هائلة لجماعة الإخوان برفضها اغراءاتها لنشر صفحة كاملة مدفوعة الأجر. تروج فيها لادِّعاءات باطلة عن جرائم ضد الانسانية يتهمون بها الجيش المصري، ويطالبون بتقديم قادته إلى المحكمة الجنائية الدولية!! بل ويمضون في استعدائهم الدول الأجنبية ضد مصر إلى المطالبة بطردها من منظمات هيئة الأمم المتحدة ومنع وزير الخارجية المصري من دخول الأمم المتحدة، وفرض عقوبات دولية من مجلس الأمن على مصر وفرض رقابة دولية على قناة السويس!! وهو ما يؤكد أن جماعة الإخوان التي تمتد عبر الحدود لا تعرف قيمة الوطن، وعلى استعداد لبيعه بأبخس الاثمان، وهم بذلك يمثلون طابورًا خامسًا حقيرًا بكل معنى الكلمة يطعن المصريين ليس فقط في ظهورهن، بل وفي وجوههم بلا خجل ولا استحياء، بل وفي كبر واستعلاء وغباء واندفاع جنوني نحو الهاوية والحضيض، والسؤال هنا لمن يدعون إلى المصالحة مع هذه الجماعة: كيف بالله عليكم يمكن إجراء مصالحة أو تفاهم مع هذه النوعية من البشر؟! بل كيف نتوقع منهم أن يكونوا جنودًا أو مواطنين صالحين يحفظون الوطن ويدافعون عنه، بعد أن تربوا ونشأوا على الفكر الخياني العقيم الذي زرعه في عقولهم حسن البنا وسيط قطب وباقي مرشديهم وزعمائهم عبر سنين طويلة، وأصبحت كراهية مصر والمصريين ومحاربتهم تسرى في عروقهم مسرى الدم؟ !
ولا يعكس ما سقناه آنفا من مظاهر خيانة الإخوان لمصر وشعبها الا حقيقة مُرَّة يتعين للأسف التسليم بها، وهي انتفاء المشاعر الوطنية لدى الإخوان لصالح مشاعر انتماء عالمي ينسبونه زورًا وبهتانًا للإسلام، وهي أمور تجلت مؤخرًا في ممارساتهم عند رفضهم تحية العلم المصري، وعدم الاعتراف بالنشيد الوطني، وكراهيتهم لعميقة للجيش المصري وقادته، وينشرون علماءهم تحت أجنحة الظلام يشوهون حوائط المدن بشعارات حاقدة ضد الجيش وقادته. غير أن تلك الممارسات كلها لم تسفر إلا عن تأكيد الحقيقة التي تشكل اليوم كابوسا يؤرق مضاجع هذه الجماعة، وهي أن من يرفضهم ويقاومهم اليوم ليس هم أجهزة الشرطة والجيش فقط وإنما هم أبناء الشعب البسطاء الذين اكتشفوا بعد عام واحد من الحكم الإخواني البغيض مدى إفلاسهم ومتاجرتهم بالدين من أجل سلطة فشلوا في الوفاء بأعبائها، والغريب في الموقف أنه كلما ازداد هجوم الإخوان على الجيش وقائده الفريق أول عبدالفتاح السيسي، ازداد الشعب تعلقًا بالاثنين وحيالهما، وتشبثهم بالجيش درعًا وملاذًا من أطماع هذه الجماعة، واصرارهم على ضرورة ترشيح الفريق السيسي رئيسًا للجمهورية، رغم أنه يفضل البقاء على رأس الجيش يحمى الإرادة الشعبية، ويصون حق المصريين في حرية التعبير والاختيار، لكنهم يريدونه رئيسا لهم يرون فيه المنقذ من براثن جماعة الخيانة والخونة، وإنه جماع إرادتهم وموضع توافقهم الوطني، لذلك لم يكن غريبًا أن تناصبه جماعة الإخوان وحلفائها العداء لأنه حرَّر مصر من احتلال حكمهم وقضى على حلمهم بحكم مصر 500 عام، على حد تعبير مرسي !!
الرد على أكاذيب وافتراءات سيد قطب من يطالع دعاوى سيد قطب التي يزدري فيها معاني الوطنية والقومية، ويدعو أتباعه لمحاربة الوطن وأهله، وأن يكون ولاؤهم وانتماؤهم للجماعة وتنظيمها الدولي فقط، يلاحظ بسهولة أن قطب في كل هذه الدعاوى لا يستند لأي آية في القرآن الكريم أو حديث لسيدنا رسول الله الله صلى الله عليه وسلم، بل على العكس يجد في القرآن كل ذكر طيب وكريم لمصر دونا عن باقي بلدان الأرض قاطبة، ربما باستثناء مكة المكرمة، كما يجد في الأحاديث النبوية الشريفة الإشادة بمصر التوصية بأهلها وجندها، فقد كرّم الله تعالى مصر بذكرها في القرآن خمس مرات صراحة وأكثر من عشرين مرة بالإشارة إليها، لعل أبرزها قوله تعالى «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين» وهو ما يعني أن مصر بأمر من الله تعالى ستكون على الدوام والاستمرار حصنًا للأمن والامان لأهلها ولكل من يلوذ بها، رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين الذين يريدون أن يُحولوها إلى أرض إرهاب وصراعات مسلحة، فالمولى عز وجل سيحفظ مصر وشعبها من شرورهم ويرد كيدهم إلى نحورهم، وهو ما يصدقه أيضا حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم “,”مصر كنانة الله في أرضه من أرادها بسوء قصمه الله“,”، أي؟؟ سهام الحق ضد أعداء الدين، ولذلك فهي مستهدفة دائما بالإساءة والإيذاء من أعداء الإسلام، ولكن حضرته يتوعدهم بأن الله تعالى هو الكفيل بأن يقصم ظهورهم، وهو ما أثبتته أحداث التاريخ عندما تصدى جيش مصر لجيوش الصليبيين وهزمهم في حطين عام1187، وفي المنصورة عام 1250، وتصدى لجيش التتار وهزمهم في عين جالوت عام 1258م، ناهيك عن حروب الجيش المصري ضد الصهاينة أعوام 1948، 1956، 1967 حتى كانت هزيمتهم التاريخية في أكتوبر 1973، لذلك لم يكن غريبًا أن يأمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا من أهلها جندًا كثيفًا، فإن بها خير أجناد الأرض وإنهم لفي رباط إلى يوم القيامة»، كما أوصى حضرته صحابته بأهل مصر في حديثه الشريف «ستفتحون من بعدي مصر فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لكم فيها نسبًا وصهرًا»، لذلك كانت مصر ملاذ ومثوى معظم أهل بيت حضرته وصحابته. وإذا رجعنا إلى التاريخ البعيد سنجد أن مصر بأمر من الله تعالى قد تشرفت أرضها بمجيء الكثير من رسل الله تعالى.. منهم سادتنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف، وموسى وعيسى وإدريس وشعيب.. وغيرهم عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام، ولم يكن ذلك إلا لصالحية قلوب أهل مصر لرسالة الإسلام التي جاء بها حضراتهم، على حكم قوله تعالى «إن الدين عند الله الإسلام»، لذلك كانت لهم على الدوام والاستمرار أتباع مؤمنون في مصر على حكم قوله تعالى «وما أرسلنا من رسول إلى ليطاع بإذن الله» وهو ما تعكسه الآثار المصرية القديمة التي تظهر المصري القديم وهو يصلي راكعًا وساجدًا وواقفًا، ومرتديا ملابس الاحرام في حجه للبيت الحرام، وهي آثار مسجله تنفي عن المصريين القدماء التهمة التي يحاول الإخوان وحلفاؤهم إلصاقها بهم بأنهم وثنيون وعباد اصنام !!
ومما يؤكد بطلان دعاوى سيد قطب التي يزدري فيها الولاء والانتماء الوطني، ويعتبر ذلك منافيًا للإسلام، تعارض هذه الدعاوى مع الكثير من أحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلام التي تحض على حب الاوطان والدفاع عنها وعن أهلها وثرواتها، ومنها الحديث الشريف، «من مات دون أرضه فهو شهيد، ومن مات دون ماله فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد».. بل أيضًا حديث حضرته المعروف عن مغادرته مكة مهاجرًا إلى المدينة والذي قال فيه «والله إنك لأحب أرض الله إلي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت»، وهو ما يؤكد حب واعتزاز المسلم بوطنه وأرضه وأهله، فأين ذلك كله من دعاوى سيد قطب واتباعه إلى عدم الولاء، والانتماء لمصر، ومن المفارقات التي تستحق التأمل أنه في نفس الوقت الذي ظهرت فيه دعوة سيد قطب لأهل مصر للانصراف عن الولاء والانتماء لوطنهم وأرضهم، كان اليهود يقيمون (الوطن القومي) المزعوم لليهود في فلسطين مستخدمين كل أساليب الغدر والخديعة والكذب والتزييف للزعم بأن لهم حقوقًا تاريخية في هذه الأرض حتى يجتمع اليهود في (وطن واحد) وهم الذين كتب الله عليهم الشتات!! فما الذي يستهدفه الإخوان من دعوتهم في نفس ذلك الوقت إلى إضعاف مصر ومحاربة انتماء المصريين لوطنهم؟ !
لذلك وبالنظر لمعاداة جماعة الإخوان لمصر وشعبها منذ نشأة هذه الجماعة كان طبيعيًا نتيجة أعمالها الاجرامية التي برزت على الساحة المصرية منذ الأربعينات من قتل رؤساء وزارات (أحمد ماهر، فهمي النقراشي) وقضاة (أحمد الخازندار) وهجمات على أقسام الشرطة وأهداف استراتيجية، ثم محاولات اغتيال رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادي، ومصطفى النحاس، ثم عبدالناصر، ثم بعد ذلك اغتيال الرئيس السادات، ورئيس مجلس الشعب المحجوب.. وغيرهم، أن تتعرض عبر كل هذه العصور إلى ضربات أمنية متتالية من الانظمة الحاكمة، إلى أن وقعت ثورة 25 يناير التي ركبتها جماعة الإخوان واستغلتها بالخداع والتضليل في الوصول إلى حكم مصر خلال عام 2012/2013، وعندما اكتشف الشعب المصري حقيقة هذه الجماعة وما تتصف به من إرهاب واجرام وترويع للمصريين أن قام الشعب المصري نفسه مع الجيش والشرطة بمواجهتها وإزاحتها من السلطة والحكم، واعتقال ومحاكمة قادتها، ولم يكن تأثير هذه الضربة ضد الإخوان قاصرًا فقط على مصر، بل تعداها إلى جميع الدول العربية والإسلامية التي بها أفرع الإخوان، واكتشفت حكوماتها وشعوبها خطورة وصول هذه الجماعة إلى السلطة والحكم في بلادها والسكوت على أنشطتها الهدامة، فاتخذت من الإجراءات السياسية والأمنية ما يحجم أنشطة أفرع الإخوان في هذه الدول، بل وبدأت جماهير الشعوب فيها تستيقظ على خطورة الإخوان وعدم الاطمئنان إليهم، فابتعدوا عنهم ولم يعطوهم ثقتهم وأصواتهم مما أدى إلى سقوط ممثلي الجماعة في الانتخابات البرلمانية – مثل الكويت، بل وثورة الجماهير في تونس على حكومة الإخوان هناك (حزب النهضة)، وإجبارها على الاستقالة، نفس الأمر في الأردن وغيرها من الدول العربية وهذا هو السبب في حالة الهستيريا والسعار التي أصابت التنظيم الدولي للإخوان أخيرًا، حيث يشاهد تبدد الحلم الذي عمل على تحقيقه عبر 85 عامًا لفرض هيمنته على العالم الإسلامي، مع انهيار دولة الإخوان في مصر وتوابع ذلك في باقي الدول العربية. وهذه الضربات وغيرها مما هو ينتظر جماعة الإخوان هو واقع حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حذر فيه كل من يريد الإساءة لمصر بأن الله تعالى قاصمه، وستكون هذه الضربات هي النهائية إن شاء الله لجماعة الإخوان على كل الساحة الإسلامية والعربية وليس في مصر فقط بعد أن سقطت الاقنعة التي كانت تخفي وراءها سوءاتها وجرائمها وحقيقتها الدموية الإرهابية البشعة، وهذا هو مصير كل من يتحدى الإرادة الإلهية التي كفلت الحماية والأمن والأمان لمصر وشعبها .
إن مصر هي أعظم وظن يشرف كل مسلم الانتماء إليه ويلوذ به المسلمون من أجل حماية الإسلام ومقدساته، ومصر هي أيضًا أقدم وطن عرفته البشرية وقامت على أرضه أعظم الحضارات وخرجت منها دعوة الهداية على أيدي رسل الله الذين شرفت بهم هذه الأرض الطيبة، فكان الانتماء إلى مصر في كل وقت هو شرف لا يدانيه شرف، ومن ثم فإن حب مصر ومساندتها في مواقفها في حماية الإسلام ومقدساته يصبح حكما (بما أنزل الله) وكل من يعمل على بث الوهن والاضطراب في صفوف جيش مصر، إنما يصرفه عن مهمته المقدسة والمقدرة له في الدفاع عن الإسلام ومقدساته إنما يحكم (بغير ما أنزل الله)... حفظ الله مصر من شرور أعدائها في الداخل والخارج وحقدهم، فالله خير حافظًا.. «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
عدل سابقا من قبل Admin في الإثنين ديسمبر 09, 2013 4:52 pm عدل 5 مرات | |
|
Eid Al Said Admin
التوقيت :
عدد المساهمات : 706 النشاط : 1733 الجنس : التقيم : 0 تاريخ التسجيل : 09/08/2013
| موضوع: ما لا يعرفه الإخوان عن كاهنهم الأكبر (2) الإثنين ديسمبر 09, 2013 2:50 am | |
| سيد قطب وبعثته المشبوهة إلى أمريكا وتحوله من الأدب الإباحي إلى "ظلال القرآن"
بقلم : لواء أ . ح . متقاعد : حسام سويلم
تميزت كتابات سيد قطب عن كتابات حسن البنا بأن الأول كان واضحا وصريحا في طرح أفكاره التكفيرية عن المجتمعات الإسلامية ، وعلي رأسها المجتمع المصري ، التي وصمها بالجهالة .
رغم اعترافه بأن أهلها مسلمون ولكنه أنكر إسلامهم « وإن صلوا وصاموا وحجوا البيت الحرام » « معالم في الطريق ص 116 » ، ثم طالب جماعته « الإخوان » بعد ذلك بهدم وتقويض هذه المجتمعات الجاهلية التي كفرها ليقيموا علي أنقاضها المجتمع الإسلامي من وجهة نظره ، وسيد قطب في كتاباته هذه لم يلجأ إلي أسلوب حسن البنا الذي استخدم المراوغة والتقيا للتغطية علي أفكاره ومبادئه التكفيرية التي وضع أطرها التأسيسية عندما أسس جماعته عام 1928 وتدرج في الإعلان والكشف عنها طبقا للظروف ، ولكن سيد قطب طرح كل ذلك بشكل مباشر وعنيف وتحريضي في كل من كتابيه « في ظلال القرآن » و « معالم في الطريق » دون لف أو دوران أو تورية ، وهو ما اعتبره بعض من أرخوا لسيد قطب « تجديدا لشباب الجماعة الفكري والحركي » وفي ذلك يقول صلاح شادي أحد قادة الإخوان « إذا كان حسن البنا البذرة الصالحة للفكر الإسلامي ، فإن سيد قطب كان الثمرة الناضجة لهذا الفكر » . أما مرشد الجماعة الثاني حسن الهضيبي فقد وصف سيد قطب بأنه « الأمل المرتجي للدعوة الآن » ، وبالطبع لم يكن هذا الاعجاب بشخص سيد قطب ، بل لأن كتابيه المشار إليهما كانا الأكثر تطرفا وتشددا وشراسة في التهجم علي المجتمع المصري . - أما وجه الخطورة في كتابات سيد قطب فهو في قيام جماعته « الإخوان » بتفسير أقواله وأفعاله علي هواها باعتباره الأب الروحي الذي تستند إليه في حيثيات حكمها علي جاهلية وكفر المجتمع المصري ، وتستخدمه في تبرير كل ما قامت وتقوم به من أعمال إرهابية شملت اغتيالات وتخريبا وتدميرا ، فقد اتخذوا من أفكار سيد قطب شماعة يعلقون عليها جرائمهم وجموحهم ضد المجتمع المصري ، وهو ما شكل إساءة بالغة للإسلام والمسلمين .
تأثره بالنشأة - ولد سيد قطب في قرية « موشا » بأسيوط في 9 أكتوبر 1906 وسط أسرة متوسطة ، باع أبوه معظم ما ورثه من أرض ليؤكد تميزه وكونه واحدا من الأعيان الأمر الذي أثار استياء أمه ، وكان قطب متعلقا بها كثيرا فقد كانت أكثر ثراء من أبيه ، وأصيب قطب في مرحلة صباه بمرض أصاب مفاصل عنقه فكان لا يستطيع تحريك رقبته إلا في ناحية واحدة ، وكان وحيد أبويه بجانب بنتين هو أوسطهما وأخ توفي بعد أسبوع من ولادته ، ما ترك أثرا سيئا في نفس سيد قطب الذي كان يطمع في أن يكون له أخ شقيق ، خاصة أن له أخا غير شقيق آثر ألا يذكره عندما دون سيرة حياته ، الأمر الذي جعله متميزا في أسرته وموضع احترامها وتقديرها ، لذلك لم تدخله كتاب القرية بل دخل المدرسة مباشرة في سن السادسة ، وحفظ القرآن وهو في العاشرة . - وفي مدرسته عرف سيد قطب بالجرأة علي ناظر المدرسة والمدرسين ، خاصة أنه كان متفوقا في دروسه ، وهو ما ولد لديه شعورا مبكرا بذاته ، وأخذ يتشبه بالرجال ويسلك مسلكهم ، وعندما أوشكت الحرب العالمية الأولي علي الانتهاء باندلاع ثورة 1919 كان سيد قطب يحضر اجتماعات الحزب الوطني ثم حزب الوفد ، ويكتب الخطب المؤيدة للثورة ويضمنها أبياتا من شعر متهالك يلقيها في المساجد والتجمعات ، وبرز في هذه المرحلة اهتمامه بشراء الكتب الصفراء مثل كتاب « أبي معشر الفلكي » في الفلك والتنجيم وكتاب « شمهورش » الذي يحمل كثيرا من الرقي والتعاويذ والأحجية والوصفات التي يتصور الناس أن بعضها يجلب المحبة بين الزوجين ، وكان إقبال الناس في القرية كثيرا علي شراء هذه الكتب من سيد قطب ، وكان يوصل بعضها بنفسه إلي النساء والمنازل بلا تحرج . - وعندما هدأت الأمور بعد ثورة 1919 رحل إلي القاهرة عام 1922 ليستكمل دراسته في المدرسة الأميرية وانتهي منها في عام 1924 وعمل مدرسا بإحدي المدارس الأولية وببعض الصحف مصححا لما ينشر فيها ، وفي الوقت نفسه التحق بمدرسة دار العلوم سنة 1929 وأنهي دراسته بها في 1933 ، وفي هذه الفترة اتصل بندوة الكاتب عباس العقاد ، وواظب علي حضورها ، واتضحت ميوله للكتابة الأدبية والنقدية منذ كان طالبا بدار العلوم ، وفي سنة 1933 صدر كتابه الأول « مهمة الشاعر في الحياة » ، وبعدها بعامين ، أصدر ديوانه الأول « الشاطئ المجهول » ، وصار ينشر مقالات له في صحف البلاغ وكوكب الشرق والأهرام والمصور والمقتطف ومجلة أبوللو وصحيفة دار العلوم .
إساءته للرسل ودعوته للفحشاء - وفي سنة 1939 نشر في مجلة « المقتطف » بحثا بعنوان « التصوير الفني في القرآن » وللأسف اعتبره من سجلوا سيرة سيد قطب أنه كان « بداية اهتمامه بدراسة القرآن الكريم أدبيا وفنيا » « حلمي النمنم - سيد قطب وثورة يوليو ص 46 » ، ولكن كان هذا الكتاب في الواقع إساءة إلي رسل الله الكرام وخروجا كاملا علي الحكم بما أنزل الله في ركن أساسي من أركان الايمان وهو الايمان بالرسل الموصوفين بالعصمة المطلقة مصداقا لقوله تعالي : « وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون » « الأنبياء 26 -27 » كما يأمرنا المولي عز وجل بضرورة التوقير الكامل لحضراتهم والتزام الأدب المطلق في الحديث عنهم ، إذ يقول تعالي « لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا »« النور 63 » إلا أن كل من يطالع كتاب سيد قطب هذا يجد فيه خروجا كاملا علي كل ما يأمر به المولي عز وجل من توقير رسله الكرام ، حيث يسيء المؤلف أشد الإساءة لحضراتهم ، ويأتي بكل الإسرائيليات والاتهامات الباطلة والاقوال الفاحشة عن حضراتهم ، بل ويصل به الأمر إلي حد وصفهم بأسوأ الأوصاف وتصويرهم في أسوأ الصور ، حيث ينسب في كتابه هذا الآثام والفواحش لرسل الله الكرام ويصفهم بما يعف اللسان أن يصف به أي مؤمن . - فنجده يصف سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام - وهو الأب الأول للبشرية وأول الرسل أولي العزم - بأنه « نموذج للضعف البشري الأكبر الذي يجمع كل نواحي الضعف الأخري » ويصف سيدنا موسي عليه الصلاة والسلام ، وهو ثالث الرسل أولي العزم بأنه « نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج » بل ويتهمه « بالتعصب القومي والانفعال العصبي » ، بل ويزعم أن حضرته كان « ينسيه التعصب والاندفاع استغفاره وندمه » ثم نجد سيد قطب يصور علاقة سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام بامرأة سبأ لا علي أنها علاقة الهداية والدخول في دين الله علي يد رسول كريم وإنما علي أنها علاقة رجل وامرأة بكل ما في ذلك من الإيحاءات الفاحشة .. فيتحدث عن سيدنا سليمان عند التقائه بامرأة سبأ فيقول بالحرف الواحد : « هنا يستيقظ الرجل الذي يريد أن يبهر المرأة بقوته وسلطانه » ثم يعلق علي ذلك بالزعم بأن سيدنا سليمان قد ورث التعلق بالنساء عن أبيه سيدنا داود .. فيقول بالحرف الواحد « وسليمان هو ابن داود صاحب التسع والتسعين نعجة الذي فتن في نعجة واحدة » ، ويعلق علي ذلك بقوله « ففي قصة داود إشارة إلي فتنته بامرأة مع كثرة نسائه » ، وسيد قطب في ادعائه الكاذب هذا يتجاهل قول المولي عز وجل « يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوي فيضلك عن سبيل الله ، إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب » ، حيث فسر سيد قطب كلمة « الهوي » هنا بما تهواه نفسه هو من شهوات ، ومتجاهلا عدة حقائق مهمة تحويها هذه الآية الكريمة ، أبرزها أن المولي عز وجل وصف سيدنا داود بأنه خليفة الله في الأرض بكل ما تحمله هذه الجملة من معان كريمة ومقدسة بحكم نسبة الرسول إلي الذات الإلهية ، كما تجاهل قطب أيضا كل الآيات التي تؤكد عصمة رسل الله تعالي ، وأبرزها « والله يعصمك من الناس » ، ومن ثم فلابد من فهم لفظ « الهوي » الذي وصف به هذا الرسول الكريم بما يتفق والعصمة ، وأن نفكر قليلا لنعلم ماذا تهوي أي نفس زكية مؤهلة لتبليغ رسالة الله عز وجل ؟ ألا تهوي مثل هذه النفس الطاهرة ما يتفق وما جبلت عليه من حب الله تعالي والتأمل والاطلاع علي غيب السماوات والأرض حتي تزداد تعظيما وتقديسا لبارئها ؟ أليس ذلك هو أقرب منهما إلي العقل السليم والقلب الواعي من تلك الخرافات المشينة المنقولة عن الإسرائيليات التي ألصقت بهذا الرسول الكريم ؟ ثم لفت الله نظر الناس في نفس الآية إلي حكم الله في الهوي الذي تهواه النفوس الأخري الضعيفة التي جبلت علي مخالفة وعصيان رسل الله بأن جزاءهم جهنم وبئس المصير لأن « هوي » أنفسهم ليس من جنس « هوي » رسل الله الذين أرسلهم الله قدوة وأسوة لأممهم ، ولا يعقل أن يرسل الله رسولا لكي يكون أسوة وقدوة سيئة لتابعيه ، ثم يؤاخذهم علي ما فعلوه إذا اقتدوا بهم ، حاشا لله أن يظلم مثقال ذرة . - وبنفس هذا الفكر الفاحش الذي يتناول به سيد قطب القصص القرآني ، نجده يعرج علي قصة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام ، فيتهمه بأنه هم بارتكاب الزني وإنه كاد يضعف أمام امرأة العزيز فيقول « وأنا أري أن الهم هنا كان متبادلا في اللحظة الأولي ثم رأي برهان ربه فتاب إلي نفسه » ، وعلي أساس قاعدة عصمة الرسل يمكننا أن نعرف التباين والمفارقة في تأويل المقصود من لفظ « همت به » ونوع همها هذا الذي يتفق مع عقلية امرأة كلها رعونة وطيش « وهم بها » أي بدفعها عنه بعنف ، وهذا هو المقصود من هم رسول عظيم مثل سيدنا يوسف عليه أفضل الصلاة والسلام ، ومن ثم فقد رأي برهان ربه ، وهو الملك الموكل بتربيته يشير إليه بأن الرسل لم تجبل علي فظاظة أو خشونة ، فخرج هاربا معرضا عنها : « فقدت قميصه من دبر » هذا فضلا عن اعتراف المرأة نفسها بأنها راودته عن نفسه ولكنه استعصم . - كما يبلغ سيد قطب في كتابه « التصوير الفني للقرآن » أقصي درجات الإساءة إلي السيدة مريم ، حتي إنه في وصف حضرتها في خلوتها يشبهها تشبيها فاحشا بالفتاة في حمامها ، فيقول : « ها هي ذي في خلوتها مطمئنة إلي انفرادها يسيطر علي وجدانها ما يسيطر علي الفتاة في حمامها » ، ثم يمضي في تصويره الفاحش فيقول « ولكن ها هي ذي تفاجأ مفاجأة عنيفة تنقل تصوراتها بعيدا .. فتنتفض انتفاضة العذراء المذعورة يفجؤها رجل في خلوتها » ، ثم يصور الأمر الإلهي بخلق سيدنا عيسي عليه الصلاة والسلام كما لو كان جريمة اغتصاب لفتاة عذراء ، فيقول في وصفه لشعور السيدة مريم عندما جاء الملك بالأمر الإلهي « قد تكون حيلة فاتك يستغل طيبتها يصارحها بما يخدش سمع الفتاة الخجول وهو أنه يريد أن يهب لها غلاما وهما في خلوة وحدهما .. ثم تدركها شجاعة الانثي تدافع عن عرضها » ، بل ويزعم سيد قطب أن القرآن قد ترك الخيال ليتصور ذلك بين « الرجل الغريب والفتاة الخجول » فيقول قطب : « هنا نجد فجوة من فجوات القصة .. فجوة فنية كبري .. فترك الخيال يتصورها كما يهوي » ، فهل هذا الكلام الهابط والساقط من جانب سيد قطب يمكن أن يجوز في حق السيدة مريم التي يخاطبها المولي عز وجل بقوله تعالي : « يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين »« آل عمران 42 » ، بل هل يجوز في حق القرآن الكريم كتاب الله أن يصفه سيد قطب بأن فيه « فجوة فنية كبري » ! ولكنه ، كلام قطب ، الذي يعكس ما في داخل نفسه من فحش ومنكر وسوء خلق ونقص إيمان فيمن اصطفاهم المولي عز وجل علي العالمين ، ثم أين ما يزعمه سيد قطب ومريدوه والمدافعون عن كتابه هذا من فن وأدب في كل هذا الكلام الهابط الذي حول به سيد قطب القصص القرآني الذي وصفه المولي عز وجل بأنه « أحسن القصص » إلي أسوأ القصص ، وفي قول المولي عز وجل « فاقصص القصص لعلهم يتفكرون » « الأعراف 176 » فهل من الحكمة الإلهية أن يأمر الله الرسل بأن يتفكر الناس في جرائم كما هو واضح من كتاب سيد قطب فضلا عن الاسرائيليات ، والذي يسيء أبلغ إساءة إلي رسل الله ، فهل هناك من هدم لعقيدة المسلم أخطر من ذلك ؟ - إن دعوة سيد قطب التي تصف الرسل بهذه الأوصاف الذميمة وتروج لهذه المعتقدات لا يمكن أن تكون دعوة للهداية وإنما هي دعوة إلي الفحشاء ، فإذا كان المولي عز وجل يأمرنا بالتأسي برسل الله الكرام والطاعة الكاملة لحضراتهم مصداقا لقوله تعالي : « لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة » فإن ترديد سيد قطب للإسرائيليات التي تسيء إلي رسل الله إنما هو تشكيك في أن هؤلاء الرسل هم الأسوة الحسنة للمؤمنين ، كما يشكك في اصطفاء المولي عز وجل لحضراتهم لحمل رسالاته ، وسيد قطب في هذا إنما يفتح الباب علي مصراعيه أمام الناس لارتكاب ما يشاءون من الفواحش طالما أن هناك من ينسب هذه الفواحش ذاتها إلي رسل الله وهم الأسوة التي يجب علي كل مسلم التأسي بها ، فكيف يمكن لسيد قطب الذي يدعو إلي هذه المعتقدات في رسل الله أن يدعو المسلمين بعد ذلك إلي « الحكم بما أنزل الله » وهو الذي لم يلتزم بالركن الأساسي في الايمان وهو الايمان بعصمة الرسل وتوقيرهم التوقير الكامل ؟ ! بل وكيف يحق لسيد قطب أن يرمي المسلمين بالكفر ويصم مجتمعاتهم بالجاهلية ، ثم يزعم انه يستهدف الوصول إلي الحكم بدعوي اعادة المسلمين إلي الاسلام جديد من ؟ ! ان نظرة واحدة إلي هذه المعتقدات عن رسل الله التي يروج لها سيد قطب في كتبه تقطع بأن كل ما يدعو إليه باسم ( الحاكمية لله ) أو ( الحكم بما أنزل الله ) إنما هي شعارات لا تستهدف سوي الوصول إلي الزعامة والسلطة .. وليس لها علي الاطلاق أية علاقة بالهداية وتربية النفوس وتطهير القلوب والتأسي برسل الله الكرام والاهتداء بهديهم ، وهو أساس أي دعوة صادقة إلي الله تعالي ، ومقصد القرآن الكريم علي حكم قوله تعالي : « إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم » . التضارب والانقلابات في علاقات قطب بالآخرين - مع بداية الخمسينات برز سيد قطب ككاتب وشاعر وأديب وناقد ، اقترب جدا من عباس العقاد ، بل وعاش في كنفه ، واستفاد كثيرا من هذه العلاقة ، حيث قدمه العقاد إلي معظم الصحف والمجلات التي كتب فيها ، ولكن رغم هذه العلاقة القوية التي ربطت بين الرجلين حوالي ربع قرن انفصلا واختلفا ، وكان السبب رفض العقاد أن يكتب مقدمة لكتاب سيد قطب . وهذا الاضطراب في علاقات سيد قطب بغيره من الناس يمكن اعتبارها سمة اتسمت بها سلوكياته عبر تاريخه الأدبي والسياسي وحتي اعدامه - فإنه يحب ثم يكره ، وفي كلا الحالين يكون الغلو سمة مميزة في أقواله وأفعاله . - كذلك كان الأمر مع طه حسين ، ففي كتاب سيد قطب ( طفل القرية ) والذي ضاهي به كتاب الأيام لطه حسين ، كان الاهداء : « إلي صاحب كتاب الأيام ، إلي د طه حسين بك ، انها يا سيدي كأيامك ، عاشها طفل في القرية ، في بعضها من أيامك تشابه ، وفي سائرها عنها اختلاف ، بمقدار ما يكون بين جيل وجيل ، وقرية وقرية ، وحياة وحياة » . ولكنه لا يلبث أن يهاجم طه حسين هجوما شديدا لديدا وقاسيا ، ونقرأ كمثال : « ان مذهب طه حسين هو طه حسين نفسه ، أي انه موهبة بلا امتداد وبلا تلاميذ » . ويفسر البعض هذا التناقض في موقف سيد قطب من طه حسين ، بأنه خاض هذه المعركة إرضاء لأستاذه العقاد الذي كان آنذاك يخوض ذات المعركة ، ويري آخرون ان « شهرة سيد قطب النقدية قد جاءت بسبب هجومه القاسي علي طه حسين » . - ويرجع البعض هذا الاضطراب في كتابات سيد قطب عن العقاد وطه حسين .. وغيرهما إلي انه انتظر وطال انتظاره أن يعاملوه بالمثل ، ويردوا إليه التحية بمثلها وليس بأحسن منها ، ولكن دون جدوي ، لذلك انقلب عليهم جميعا بعد أن تجاهلوا أعماله ، وهذا سبب تمرده وسخطه علي النقد والأدب والشعر واتجاهه إلي الكتابة عن القضايا الاجتماعية والسياسية ، وكان هذا التوجه الجديد والتحول في الاهتمام طبيعيا أمام عدم نجاح كتاباته السابقة وعدم تحقيق ما يريد منها . - وإذا انتقلنا إلي التضارب والانقلابات في حياة سيد قطب السياسية ، نجد ذلك واضحا جليا في تأييده ودعمه لثورة 23 يوليو عام 1952، ومساندته المطلقة لقادة الثورة ، وهجومه الشديد علي عصر الملكية السابقة ، بل ومطالبته قادة الثورة بممارسة ما أطلق عليه ( ديكتاتورية اصلاحية ) ، وكان سيد قطب يطمع في أن يتولي أحد منصبين : وزير المعارف أو مدير الإذاعة ، ولما فشل في تحقيق هذا الهدف انقلب علي قادة الثورة وهاجمهم بعنف حتي انه حرض جماعته علي اغتيالهم ، وهو ما سنتعرض له بالتفصيل في حلقة قادمة . الإباحية والمجون عند سيد قطب - ويمضي سيد قطب يكتب شعرا ونثرا ونقدا وسيرة ذاتية ، بعضها يحمل أفكارا ذالت طابع ليبرالي صارخ ، وأحيانا ذات طابع إباحي ماجن . . فقد كتب كثيرا عن الترجمة العربية التي قام بها د إبراهيم أمين الشواربي لغزليات الشاعر الفارسي حافظ شيرازي ، وينتقي منها ما يؤكد تغلغل العامل الجنسي في أهوائه ، مثل : « ان شفة الحبيب ياقوتة ظمأي إلي الدماء ، وأنا من أجل رؤيتها أضحي بالروح » . ويستطرد سيد قطب قائلا : « مبعثر الخصلات ، محمر الوجنات ، ضاحك الأسنان تلعب به الخمر ، سكران ، ممزق القميص ، يتغني بالألحان ، في يده إبريق من بنت الحان .. وها قد شربنا ماصبه الساقي في كؤوسنا . ثم يعلق سيد قطب علي شعر حافظ شيرازي هذا قائلا : « إن كاتب هذا الشعر نشوان بالخمر الالهية أو النواسية ( نسبة لأبي نواس ) وليقل ما يشاء وكيف يشاء ، فهو خير عند نفسه وعند الله من المرائين المنافقين ومن الوعاظ الثقلاء » ! وكلمات كهذه هي التي دفعت البعض إلي التشكيك في مدي تدين سيد قطب ، ومن هؤلاء الناقد محمد الغمراوي - أستاذ الكيمياء بكلية الطب - معرضا بسيد قطب قائلا : « ليست المسألة بين القديم والجديد كما يسمونها ، وليست اختيارا بين أدب وأدب ، وطريقة وطريقة ، ولكنها في صحيحها مسألة اختيار بين دين ودين » . وقد رد عليه سيد قطب ردا عنيفا طالبه فيه بتنحية الدين جانبا بعيدا عن القضايا الأدبية والعلمية ، وهو ما دفع البعض لاتهامه بالعلمانية ، فضلا عن الإلحاد وشكه في الدين ، وفي ذلك يقول سليمان فياض في مقال له بمجلة الهلال - سبتمبر 1986 بعنوان : سيد قطب بين النقد الأدبي وجاهلية القرن العشرين : « انه سمع بأذنيه من سيد قطب انه ظل ملحدا أحد عشر عاما » . يؤكد ذلك ما قاله عباس خضر في سلسلة اقرأ تحت عنوان ( هؤلاء عرفتهم ) مارس 1983 ص 56 : « ان سيد قطب قال له يوما ان الدين ضرورة لقيادة القطعان البشرية ، ولا يمكن أن يسلس قيادها بغيره » . والغريب في شأن هذه القصة التي يطالب فيها سيد بتنحية الدين جانبا بعيدا عن القضايا الأدبية والعلمية ، نجده بعد ذلك ببضع سنوات يصدر كتابه ( معالم في الطريق ) الذي يخلط فيه وبشدة بين الدين والسياسة إلي حد مطالبة جماعته باستخدام العنف باسم الدين من أجل الوصول إلي السلطة والحكم ! - ومما قيل أيضا عن سيد قطب انه كان إباحيا وماجنا وداعيا إلي العري التام ، وفي ذلك يقول المؤرخ الإخواني محمود عبدالحليم انه « قرأ مقالا منشورا في الأهرام في 17 مايو 1934 للأستاذ سيد قطب يدعو فيه إلي العري التام ، وإلي أن يسير الناس في الشوارع عرايا تماما كما ولدتهم أمهاتهم » ، ثم يستطرد المؤرخ الإخواني قائلا : « انه عرض علي الأستاذ حسن البنا أن يرد عليه ، لكن البنا منعه حتي لا تشتهر هذه الفكرة ، ولعل الله يهدي سيد قطب » ، ورأي هذا المؤرخ أن سيد قطب كان متأثرا في هذه الدعوة بموجة العري التي كانت تجتاح أوروبا والولايات المتحدة آنذاك . - ويستند من يتهمون سيد قطب بالإباحية والمجون إلي قول صديقه عباس خضر بأنه كان « علي كثير من المجون الذي يصطنعه بعض الأدباء » . وتتأكد هذه الخاصية في كتابات سيد قطب بما ذكره د . صلاح الخالدي في كتابه ( سيد قطب بعد الميلاد إلي الاستشهاد ) والذي ذهب فيه إلي أن قصة الحب داخل رواية ( الأشواك ) التي كتبها سيد قطب هي قصة وتجربة سيد قطب نفسه ، وفي الرواية مشاهد تكشف عما يمكن تسميته بالمجون ، فالبطل في الرواية ( سامي ) والذي هو سيد قطب - يذهب إلي ( سميرة ) خطيبته وحبيبته في المنزل « يقتحم عليها حجرة نومها ويفاجئها وهي أدني العري منها إلي الستر ، وكانت تخول له أن يبيت في دارها دون أن يعترض والدها علي ذلك ، وكانت تتيح له أن ينفرد بها في ممر الدار ، ويعتصرها اعتصارا ، ويرتشف منها ما « شاء من رحيقها المذخور » . ويمضي سيد قطب في روايته بأن ( سميرة ) صدمته عندما صارحته بأنها أحبت قبله شابا غيره هو ( ضياء ) وكان حبا عنيفا . وعاش ( سامي ) في حياة من ( الأشواك ) عدة سنوات غير قادر علي إتمام الزواج بعدما صارحته به ، وغير قادر علي الابتعاد عنها ، لأنه يحبها ولا يمكن أن يعيش بدونها ، ولم تحقق الرواية أي نجاح ، ولم يثن عليها ولا أشاد بها أحد من النقاد » . ويعلق د . صلاح الخالدي علي القصة بأنها تعبر عن تجربة شخصية وذاتية لسيد قطب ، وأطلق عليها حبه الثاني في القاهرة ، وقال ان قصة الحب تلك وقعت أواخر الثلاثينيات ، وأن مصدر هذه المعلومة هو شقيق سيد الأصغر محمد قطب . ومن المعروف ان سيد قطب لم يتزوج في حياته . - ويذكر الأستاذ حلمي النمنم في كتابه (سيد قطب وثورة يوليو) ص 69: «قال لي أحد الصحفيين القدامي، الذين عملوا مع سيد قطب في مجلة (العالم العربي) انه حتي سنة 1948 كان يتردد بين الحين والآخر علي بار (اللواء) ويحتسي قليلا من (الكونياك) وكان مشروبه المفضل ».. ثم يمضي الأستاذ النمنم قائلا: «حكي أحد مريدي سيد قطب - سابقا - وهو علي العشماوي انه كان في منزل سيد قطب سنة 1965 هو وبعض (إخوانه) يتباحثون في أمور (التنظيم) - الذين حوكموا بسببه بعد ذلك - وكان اليوم (جمعة) وكانت الجلسة ضاغطة، وجاء ميعاد الصلاة، فقال علي عشماوي (دعنا نقوم ونصلي، وكانت المفاجأة ان علمت - ولأول مرة - انه لا يصلي الجمعة). وينقل عشماوي عن شيخه سيد قطب انه يري - فقهيا - ان صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة وانه لا جمعة إلا بخلافة، وكان هذا الرأي غريبا علي، ولكني قبلته لأنه فيما أحسب أعلم مني »! وهكذا فإن سيد قطب حتي الأيام الأخيرة من حياته، ورغم كل ما كتبه في الدين وانغماسه الكامل في نشاط الإخوان - لم يكن لأسباب فقهية من وجهة نظره البعيدة تماما عن الدين - يؤدي صلاة الجمعة! - ويعلق علي كل ذلك الكاتب الصحفي عادل حمودة في كتابه (سيد قطب من القرية إلي المشنقة) ص 15 «أن اتباع سيد قطب نسوا أيام كان يكتب عن المرأة والعشق وموسيقي الجاز، ويدعو أن تكون مصر مستعمرات للعراة، وهم يتمنون أن يفقد من ذاكرة التاريخ ذلك الجزء من أيامه كأن لم يكن، لتبدأ قصة حياته في لحظة الهداية والعقيدة، وبداية الطريق إلي الاستشهاد ». وتبقي عبارة أخري لعادل حمودة في هذا الصدد يقول فيها «ص 7» من نفس المصدر: «لقد كان لسيد قطب أكثر من وجه وأكثر من لون، وأكثر من لقب .. فهو معلم وشاعر ومفكر ومفسر وملحد ومسلم ومتطرف، ومصلح ومبدع، ومجاهد ومجتهد وشهيد، فتحولاته حادة وتغيراته مذهلة وصورته لم تحبس نفسها في إطار ثابت ». بعثته الغامضة إلي أمريكا - فوجئت الأوساط الثقافية في سنة 1948 بسفر سيد قطب إلي الولايات المتحدة في بعثة تعليمية تحت اسم «مهمة ميدانية» للاطلاع علي المناهج وأصول التربية هناك، ولم تكن البعثة مرتبطة بمدة معينة كما هي عادة البعثات، ولم يكن سيد قطب مرسلا إلي جامعة بعينها كما جري العرف أيضا، ولم تكن من أجل الحصول علي درجة علمية، ولهذه الأسباب ولغيرها نظر المتابعون والباحثون إلي تلك البعثة بارتياب شديد وصل إلي حد الاتهام. وكان منبع الارتياب أن البعثة جاءت فجأة وشخصية، فلم يعلن عنها ليتقدم لها من يري نفسه كفئا لها، كما ان المبتعث سيد قطب تجاوز السن التي تشترط إدارة البعثات توفرها كثير فقد سافر وسنه 42 سنة، وانه نقل عند تخصيصها له مراقبا مساعدا بمكتب الوزير. . ويتساءل د طاهر مكي الأستاذ بكلية دار العلوم: «من الذي أوحي بالبعثة وفكرتها؟ ودفع سيد قطب إليها؟ وماذا كانت الغاية الحقيقية من ورائها بعيدا عن الظاهر غير المقنع »؟ ويستطرد د مكي قائلا: «واضح ان ذهاب سيد قطب إلي الولايات المتحدة كان وليد تخطيط أمريكي خفي بعيدا عن سيد قطب بداهة ولم يعرفه أكيد، فمن الغريب والعصبية المعهدية علي أشدها في تلك الأيام في وزارة المعارف .. ان تخصص بعثة الموظف من دار العلوم وفي مثل هذه السن .. ولم يكن يدري انه كان جزءا من رهان أمريكي، وفيما بعد اعترف سيد قطب لرفيق في السجن سيد سالم انه وقع تحت اغراء الأوساط الأمريكية بكل الوسائل، ولكنه لم يسقط في شباك أي منها، لكنه علي أية حال عاد من أمريكا ساخطا عليها، معاديا لها » . وقد تأثر د. حافظ دياب بتساؤلات د. مكي والاتهام الذي انتهي إليه وأخذ به في كتابه عن سيد قطب «الخطابة والأيديولوجية عند سيد قطب». أما الناقد والكاتب أحمد عباس صالح فقد ابتعد في انتقاده لهذه البعثة عن المعايير البيروقراطية والمدرسية في اختيار سيد قطب لهذه البعثة، واستند إلي معايير وخطاب اليسار في الستينيات »، فيقول:« سيد قطب لفت أنظار الاستعمار منذ وقت مبكر بكتاباته المناوئة للاشتراكية بدعوي ان الاسلام والاشتراكية متناقضان، فدعي إلي الولايات المتحدة وأمضي أكثر من عام، عاد بعدها لينشر كتابا مليئا بالمغالطات ضد العدل الاجتماعي وضد الفكرة الاشتراكية تحت ستار الدعوة الإسلامية ». - ويشارك د حلمي النمنم في هذه التساؤلات قائلا في كتابه المشار إليه آنفا ص 90 «كان سيد قطب منذ سنة 1946 يعلن كراهيته للغرب كله، واحتقاره لأمريكا واحتقاره للمصريين الذين لا يشاركونه هذه المشاعر .. فلماذا إذن قبل البعثة، ولم يترك الفرصة لغيره، إن الرحلة لم تفده ولم تفد المجتمع، وبالتأكيد فإنه حصل علي فرصة انسان آخر كان يستحقها أكثر منه ». - أما عادل حمودة فيقول وهو يوشك أن يوجه اتهاما «ان أمر هذه الزيارة مثير للحيرة والقلق، ويرسم المصريون علامات الاستفهام والتعجب، فقد جاءت في وقت كان يهاجم فيه النظام الملكي بمقالات نارية. ثم لماذا أمريكا بالذات في تلك الفترة وقد كانت بريطانيا أولي وأقرب دوما بالنسبة لمن يريدون دراسة المناهج التربوية الغربية ». - ويثير ذات الغبار المتسائل الأستاذ علي الدالي فيقول «يري البعض ان سفر قطب إلي أمريكا كان أمرا مثيرا للدهشة، كما عبر صديقه يحيي حقي عن دهشة أكبر لانضمام قطب إلي الإخوان بعد عودته من أمريكا». كما ان الأمر الغريب هو ان سيد قطب ما أن عاد من بعثته إلي أمريكا حتي قدم استقالته من وزارة المعارف! - أما السؤال الذي يخص سيد قطب ويفرض نفسه عليه فهو: لماذا وافق علي هذه البعثة من الأساس وقام بها، خاصة انه كان يعمل في ديوان الوزارة، مما يؤكد انه كان يعلم بها منذ المراحل الأولي لإقرارها، ويعلم أيضا ان بعثته هذه كانت ممولة من مشروع «النقطة الرابعة» الذي تبناه الرئيس الأمريكي ترومان بعد الحرب العالمية الثانية. ولقد كانت كل البعثات إلي الولايات المتحدة التي لا يحصل أصحابها علي الماجستير والدكتوراه ممولة من هذا المشروع. كما ان البعثة كانت كما قيل بعد هذا أنها كانت بعثة فريدة من نوعها، فلم يكن مقررا لها أية دراسة محددة أو حتي جامعة محددة، بل هي بعثة حرة فقد ترك له حق التجول في كل أمريكا، والإقامة حيث يشاء، والالتقاء بمن يشاء، وقد بقي في أمريكا قرابة ثلاث سنوات، حيث عاد في صيف عام 1951. - ذهب سيد قطب إلي الولايات المتحدة، وخضعت بعثته المسماة بالحرة - إلي تخطيط أمريكي دقيق من جانب الأجهزة المخابراتية هناك، حيث أجريت له ترتيبات لزيارة المحافل الماسونية ومراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية، ومراكز صنع القرار السياسي في أمريكا .. مثل مجلس الكونجرس ووزارة الخارجية والبنتاجون والبيت الأبيض ومجلس الأمن القومي ووكالة المخابرات الأمريكية، والكنائس الكبري والنوادي ومراكز الاعلام والاتصال من صحافة واذاعة وسينما وتليفزيون، والجامعات ومراكز الأبحاث، وجماعات اللوبي المؤثرة في صنع القرار وأبرزها اللوبي اليهودي واللوبي الأسود، وغيرها من جماعات الضغط، فضلا عن المؤسسات الاقتصادية، ومقار الأحزاب السياسية «الديمقراطي والجمهوري» كما اطلع سيد قطب علي نظريات القرار السياسي الأمريكي ونماذج صناعته وفن العملية السياسية وأدوارها ودور المؤسسات الدستورية فيها .. إلخ وقد استمرت بعثة سيد قطب عامين أمضي العام الأول في تعلم اللغة الانجليزية. - ولقد عاش سيد قطب حياته في أمريكا طولا وعرضا، وانغمس في الحياة الأمريكية بكل مساوئها وموبقاتها، وعن ذلك يحكي في مقال له بمجلة الرسالة عام 1951 تحت عنوان «ليلة حمراء» قال فيه: كانت ليلة في إحدي الكنائس ببلدة جريلي بولاية كولورادو، فقد كنت عضوا في ناديها كما كنت عضوا في عدة نواد كنسية في كل جهة عشت فيها، وبعد أن انتهت الخدمة الدينية في الكنيسة، واشترك في الترتيل فتية وفتيات من الأعضاء، وأدي الآخرون الصلاة، دلفنا من باب جانبي الي ساحات الرقص الملاصقة لقاعة الصلاة يصل بينهما باب، وصعد «الاب» الي مكتبه، وأخذ كل فتي بيد فتاة. وكانت ساحة الرقص مضاءة بالأنوار الحمراء والصفراء والزرقاء، وبقليل من المصابيح سالت الساحة بالأقدام والسيقان القاتنة والتقت الأذرع بالخصور والتقت الشفاه والصدور .. وكان الجو كله غراما، وحينما هبط «الأب» من مكتبه وألقي نظرة فاحصة علي المكان ومن في المكان، وشجع الجالسين والجالسات ممن لم يشتركوا في الحلبة علي أن ينهضوا فيشاركوا وكأنما لحظ أن المصابيح البيضاء تفسد ذلك الجو «الرومانتيكي» الحالم، فراح في رشاقة الأمريكاني وخفته يطفئها واحدا واحدا، وهو يتحاشي أن يعطل حركة الرقص، أو يصدم زوجا من الراقصين في الساحة، وبدل المكان بالفعل أكثر «رومانتيكية» وغراما، ثم تقدم إلي «الجراموفون» ليختار أغنية تناسب ذلك الجو، وتشجع القاعدين والقاعدات علي المشاركة فيه .. واختار أغنية أمريكية مشهورة اسمها ولكن الطفل في البرد خارج وهي تتضمن حوارا بين فتي وفتاة عائدين من سهرتهما وقد احتجزها الفتي في داره، وهي تدعوه أن يطلق سراحها لتعود إلي دارها فقد أمسي الوقت وأمها تنتظرها .. وكلما تذرعت اليه بحجة أجابها بتلك الأغنية »ولكنها يا صغيرتي باردة بالخارج». «الشرق الأوسط« 4/1/2012 »وبعقيدة الكاتب السعودي مشعل السديري علي هذا المقال يقول:« ولكن سيد قطب بعد منتصف الخمسينيات انقلب «180 درجة»، والغريب أنه تأثر بالمفكر الهندي «أبو الاعلي المودودي» الذي لا يحسن حتي التحدث بالعربية، وفي كتابه «معالم في الطريق» انقلب الي وحش ظلامي كاسر يكفر المجتمعات برمتها وكل الأفكار والأعمال والأسماء الارهابية في العقود الأخيرة كلها خرجت من تحت عباءته أمثال ابن لادن والظواهري والزرقاوي والمقدسي والعولقي وقد انطبق عليه المثل الشعبي القائل: «يا سراجين ياظلما»!. ويؤكد سيد قطب حقيقة ما سطره في مقاله السابق في مقال آخر بالرسالة نشر في 19 نوفمبر 1951 يقول فيه: «يبدو الأمريكي بدائيا في نظره إلي الحياة .. تلك البدائية التي تذكر بعهود الغابات والكهوف »ويضيف في نفس المقال« إذا كانت الكنيسة مكانا للعبادة في العالم المسيحي كله فإنها في أمريكا لكل شيء إلا العبادة، وانه ليصعب عليك أن تفرق بينها وبين أي مكان آخر، معبد للهو والتسلية ». وفي مقال ثان بالرسالة في 13 ديسمبر 1951 يقول سيد قطب! «الأمريكي بدائي في ذوقه الفني، سواء في ذلك تذوقه للفن وأعماله الفنية. لم ألمح خلال هذه الفترة الطويلة من الزمان، ولا خلال تلك المساحة الشاسعة من المكان الا في مرات نادرة وجها إنسانيا يعبر عن معني الانسان أو نظرة تطل منها معاني الانسانية ولكنني وجدت القطيع في كل مكان، القطيع الهائج الهائم، لا يعرف له وجهة غير اللذة والمال ، لذة الجسد الغليظة التي ترتوي حتي تهمد، وتهدر ريثما تستيقظ في سعار، ورغبة المال التي تنفق الحياة كلها خيرها وشرها، ليلها ونهارها في سبيل الدولار ». ثم يعترف قائلا: «إن أمريكا تمسخ وتشوه الذين يدرسون فيها والذين يتخرجون في جامعاتها فيعودون إلي بلادهم بدون شخصية أو كيان، وبدون علم أو أدب أو خلق ..» ويبدو أن قطب كان صادقا مع نفسه في ذلك، حيث حسمت بعثته الي أمريكا أمورا عديدة داخل سيد قطب، أهمها الانقطاع كليا عن النقد والدراسات النقدية، والابتعاد عن دنيا الأدب والأدباء، وقد أعلن ذلك من هناك في رسالة بعث بها الي أنور المعداوي في أوائل مارس 1950 قال فيها :: تنتظر عودتي لأخذ مكاني في ميدان النقد الأدبي؟ .. أخشي أن أقول لك إن هذا لن يكون وأنه من الأولي لك ان تعتمد علي نفسك إلي أن ينبثق ناقد جديد! إنني سأخصص ما بقي من حياتي وجهدي لبرنامج اجتماعي كامل يستغرق اعمار الكثيرين »د. حلمي النمنم مصدر سابق ص 89، وبالفعل كان هذا البرنامج هو تخريب المجتمعات الإسلامية باسم الاسلام. خلاصة القول: حقيقة الأمر أن سيد قطب ذهب إلي أمريكا في مهمة اختارته لها الأجهزة والمؤسسات المخابراتية والسياسية التي تؤسس هناك للحفاظ علي المصالح الأمريكية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط علي المدي البعيد، وأبرزها فرض الهيمنة الأمريكية علي بلدان الشرق الأوسط، واستغلال مواقعها وثرواتها في الحرب الكونية الأمريكية ضد الشيوعية، والاتحاد السوفيتي آنذاك وتمثله روسيا اليوم وهي حرب ستكون ممتدة عبر القرن الحادي والعشرين الحالي ولكي يتحقق هذا الهدف كان علي أجهزة التخطيط الأمريكية أن تعمل علي إضعاف دول المنطقة وجيوشها وذلك بتقسيمها عرقيا وطائفيا ومذهبيا وأسلوبها لتحقيق ذلك هو اثارة الفتن الطائفية والعرقية والصراعات السياسية المسلحة، مما يؤدي إلي ما عبرت عنه كونداليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة عام 2006 ب «الفوضي الخلاقة». أما وسائل تحقيق ذلك فهم جماعات وأحزاب التيار الاسلامي وفي مقدمتهم جماعة الاخوان المسلمين، وهو ما يفسر التنسيق الكامل والعريض والعميق بين الادارة الأمريكية ومكتب ارشاد الجماعة في مصر والتنظيم الدولي للاخوان طوال السنوات الماضية ولتحقيق العنف والفوضي والصدامات الدموية كان يتبني ايجاد البواعث والمبررات العقائدية لذلك، وغرسها في عقول عامة الناس شبابا وشيوخا ونساء وأطفالا، وتلك كانت مهمة سيد قطب التي تم تجنيده لها من قبل الولايات المتحدة، ونجح فيها بامتياز عندما غرس في كتبه أفكار تجهيل المجتمع المصري وتكفير أبنائه، ثم استحلال حرماتهم، وايكال هذه المهمة إلي جماعة الاخوان لتقويض أركان هذا المجتمع وازالة نظامه الحاكم بدعوي اقامة المجتمع الاسلامي وتطبيق الشريعة الاسلامية. لذلك فإن الرسالة التي تحملها هذه المقالة موجهة في الأساس إلي شباب جماعة الاخوان الذين يتأسون بسيد قطب ويعتقدون بما جاء في كتبه ويعتقدون باطلا انه جدد في الاسلام وأرسي له قواعد جديدة بل يصلون به إلي مرتبة التقديس، في حين أن كل ذلك مخالف للحقيقة التي تنطق بها كتابات سيد قطب وسلوكياته وأنه بما كتبه وشارك فيه من مجون وإباحية علي النحو الذي وصف به الليلة الحمراء التي قضاها في الكنيسة الأمريكية ليس محلا للاقتداء ولا التأسي، كما أنه بإساءته الي رسل الله الكرام في كتابه «التصوير الفني في القرآن» مطعون في إيمانه لأن الايمان هو الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره، وبالتالي فإن كل من يسيء إلي أي من رسل الله علي النحو الذي كتبه سيد قطب في كتابه المشار اليه آنفا، فهو انسان مطعون في إيمانه، ومن ثم لا ينبغي التأسي ولا الاقتداء به ، ولا في كل ما يكتبه ويقوله لاسيما بعد أن أثبتت الأحداث الارهابية التي تعرضت لها المجتمعات الاسلامية خلال القرنين الماضي والحالي، كانت بسبب الفتنة الدامية التي أشعلتها كتب سيد قطب التي كفر بها المجتمعات الاسلامية وأهلها ودعا الي تقويضها.
| |
|
Eid Al Said Admin
التوقيت :
عدد المساهمات : 706 النشاط : 1733 الجنس : التقيم : 0 تاريخ التسجيل : 09/08/2013
| موضوع: ما لا يعرفه الإخوان عن كاهنهم الأكبر (3) الإثنين ديسمبر 09, 2013 3:04 am | |
| سيد قطب أسس للإخوان قواعد سرقة الثورات واستغلالها للوصول إلي الحكم
- لم يكن امتناع الإخوان عن الانضمام لثورة 25 يناير في الثلاثة أيام الأولي منها إلا تخوفا من فشلها وبطش نظام الحكم آنذاك بكل من شارك فيها ، لذلك آثروا الابتعاد عنها في البداية
ولكن ما إن تأكدوا من نجاحها وتنحي الرئيس الأسبق مبارك عن الحكم ، حتي سارعوا بالنزول إليها ، بل وتصدر صفوفها الأولي وركوب موجتها الأولي ، ثم استغلوها وسايروا موجاتها صعودا وهبوطا في تحالفات عديدة متناقضة .. تارة مع الأحزاب الليبرالية ، وتارة ثانية مع الائتلافات الثورية التي برزت ، وتارة ثالثة مع المجلس العسكري الذي أدار شئون البلاد لعام ونصف العام .. وطوال تلك الفترة مارست جماعة الإخوان الميكيافيللية السياسية في أحقر وأحط صورها ، حيث نقضت كل اتفاقاتها وتعهداتها مع الجميع بعد أن تلاعبت معهم جميعا حتي أوصلوها إلي السلطة والحكم في 30 يونية 2012، وبعد ذلك حاربتهم جميعا ، وربما كان نقض الإخوان لاتفاق فندق فيرمونت الذي أبرمته مع كل القوي السياسية أبرز مثال علي ذلك . - ولم يكن هذا الموقف الميكيافيللي من جانب الإخوان وليد ظروف ثورة 25 يناير ، بل كان انعكاسا راسخا للعقيدة الإخوانية في بعدها السياسي التي أرساها كل من حسن البنا وسيد قطب ، وبرزت بشكل جلي واضح ومماثل في موقف سيد قطب من ثورة يوليو عام 1952 التي انبري سيد قطب منذ أيامها الأولي إلي تأييدها ومساندة قادتها في الإطاحة بالنظام الملكي السابق ، بل وتطرق في دعمه لقادتها مطالبا إياهم بنبذ الديمقراطية والدستور وحل الأحزاب وفرض ما أطلق عليه « ديكتاتورية » عادلة ، ليس ذلك فقط بل طالب بإعدام كل من يقف في طريق هذه الثورة . ولكن عندما اكتشف عبدالناصر أن الإخوان يريدون في الحقيقة السيطرة علي الثورة وحكم مصر باسمها ، وكان سيد قطب علي رأس من طالبوا من الإخوان بمنصب متميز له في الإعلام أو المعارف ، سارع عبدالناصر إلي ضربهم في عام 1954 ثم عاودوا التآمر عليه ومحاولة اغتياله بتحريض من سيد قطب ، فسارع عبدالناصر في عام 1965 إلي ضربهم مرة ثانية وأعدم سيد قطب ، ما ألجأهم إلي الجحور تحت الأرض والهجرة إلي الخارج ، مع إعادة تنظيم صفوفهم استعدادا لمحاولة الكرة في الوصول إلي السلطة والقفز إلي الحكم عندما تسنح الظروف بذلك ، وهو ما أتيح لهم مع قيام ثورة 25 يناير 2011، ومن خلال خداع وتضليل القوي السياسية والشعبية والمتاجرة بالشعارات الدينية والديمقراطية وشراء الأصوات ، نجحوا في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والوصول للحكم ، وعندها قالوا للديمقراطية والقوي السياسية التي تحالفت معهم ( وداعا ) ، وعندما بدأوا يمارسون الحكم لم يستوعبوا دروس التاريخ البعيد والقريب ، وغلبت عليهم صفاتهم التي تميزوا بها منذ نشأتهم وعبر 85 عاما وحتي اليوم وأبرزها الغباء والغرور والاستعلاء والتكبر علي من ليس منهم ، فاتجهوا بسرعة غريبة نحو السيطرة علي كل مفاصل الدولة ومؤسساتها وأخونتها ، ما أدخلهم في صراعات عديدة مع الجميع ( أحزابا ) ، قضاء ، إعلاما ، شرطة ، جيشا .. إلخ ) غير مدركين أنهم ينساقون بإرادتهم نحو نهايتهم . وعندما سقطت الأقنعة الكاذبة التي كانت تخفي حقيقة الإخوان الفاشية والدموية ، وتحقق الشعب من أنه كان مخدوعا فيهم ، وأن استمرارهم في الحكم سيؤدي إلي ليس فقط سقوط الدولة ، بل أيضا إلي ضياع مصر وتفككها بعد أن أبدي قادة الإخوان استعدادهم للتنازل عن الأرض والثروة والقناة ، والخضوع للإرادة الأمريكية مقابل ضمان أمريكي باستمرار الإخوان في الحكم ، أمام الشعب بثورته المليونية حقا في 30 يونية 2013 والتي أطاحت بالنظام الإخواني الغاشم ، واستأصلت ذلك الورم السرطاني الخبيث من الجسد المصري إلي غير رجعة إن شاء الله . دعم سيد قطب لثورة 23 يوليو - كانت فنون الكياسة والمهادنة والنفاق والتملق والصياغات التوفيقية والتدرج مع الغموض والتعتيم ، والممارسات المرحلية مع التلون السياسي والديني طبقا لظروف كل مرحلة ، من السمات الرئيسية في سلوكيات قادة الإخوان ، فقد كانوا شديدي التمسك بالمظاهر الدينية للجماعة إذا ما تولت الحكم حكومة قوية يرأسها رئيس وزراء قوي ، في حين اهتموا بالآمال السياسية إذا ما تولت الحكم وزارات ضعيفة ، مع الاحتفاظ بالهدف الأساسي وهو الوصول للسلطة والحكم . وبهذا النهج الميكيافيللي كان سيد قطب يتحرك في تعامله مع قادة ثورة 23 يوليو 1952 .. فحين قام هؤلاء الضباط بالانقلاب علي الملك فاروق ليلة 23 يوليو ، كان سيد قطب قد ابتعد عن الحياة الأدبية واتجه إلي الحياة السياسية ، وقد ذكر سيد قطب لأحد أصدقائه ( سليمان فياض - مجلة الهلال سبتمبر 1986) أنه كان علي صلة بعدد من الضباط الأحرار قبل يوليو عام 1952 وأن بعضهم كان يتردد علي منزله ويجتمعون معه . لذلك لم يكن غريبا أن يتحمس سيد قطب في تأييد ثورة 23 يوليو ، بل كان أكثر الكتاب والإعلاميين تأييدا وبصوت عال لقادتها ، منتقدا ومهاجما كل من يتعرض لهم بالانتقاد . وقد كان سيد قطب هو أول من أطلق علي حركة الضباط الأحرار - كما كان اسمها في البداية - وصف ( ثورة ) ، ولم يسبقه في هذه التسمية سوي محمد فريد أبوحديد في مقاله بمجلة الثقافة في 4 أغسطس 1952. - واندفع سيد قطب في حماسه الدافق لثورة يوليو إلي حث قادتها علي سلوك النهج الديكتاتوري ، ففي مقال له في صحيفة الأخبار 8 أغسطس 1952 بعنوان ( استجواب إلي البطل محمد نجيب ) نجده يعتب فيه علي الضباط ما أشيع من أنهم ينوون العودة إلي ثكناتهم ، وطالبهم بالاستمرار في الحكم قائلا : « بدلا من أن تسيروا في هذا الطريق إلي نهايته ، وبدلا من أن تضربوا الحديد ساخنا ، وبدلا من أن تقتحموا أوكار اللصوص ، آثرتم أن تنسحبوا إلي الثكنات ، وأن تتركوا المجال إلي رجال السياسة ، هؤلاء الذين امتطي الملك الراحل ظهورهم في أغراضه واتخذ منهم أدوات لاذلال الشعب وإهانته » . ثم يستطرد قائلا : « باسم الملايين الذين لن يسمحوا لكم بالعودة الي الثكنات لان مهمتكم لم تنته بعد ، لأن واجبكم قد بدأ وعليكم أن تكملوه » . ثم أعقب سيد قطب استجوابه هذا باستجوابات أخري طالب فيها بإلغاء الألقاب والمخصصات الملكية ، والحد من الملكيات الضخمة ، وتطهير الأحزاب السياسية ، والقضاء علي الرجعية ، ثم شن حملة شعواء ضد الأدباء والمفكرين والمطربين . ففي مقال له تحت عنوان : « اخرسوا هذه الأصوات النجسة » طالب فيها بمنع إذاعة أغاني الفنانين الكبار .. قائلا : « إن واجبنا حماية الجماهير من الأصوات التي تحبها كما نحميها من المخدرات ، وهذا واجب الثورة ، ويتعين عليها أن تفعله مهما يكن فيه من اعتداء علي حريات الأفراد ، لتخرس هذه الأصوات الدنسة إلي الأبد » ! أما الشعراء فقد وصفهم سيد قطب بأنهم ( عبيد ) والكتاب ب « الانحلال » وأن أي استماع إليهم « هو خيانة للمثل الجديدة » وطالب بمنعهم من الكتابة وقول الشعر « هؤلاء هم ممثلو أدب الانحلال ، وهؤلاء هم الذين يجب أن يقصيهم الشعب عن الإنشاد في العهد الجديد » . وعندما رفضت الإذاعة إذاعة حديث سيد قطب عن أدب الانحلال قال عن الذين منعوه « إن الكثيرين هناك يحبسون أنفسهم مقصودين بوصف ( العبيد ) ، كما أن الحماية لاتزال مفروضة علي الأصوات الدنسة التي تذيع علي الناس ( الدنيا سيجارة وكاس ) ، ويصف الكاتب حلمي النمنم هذا الموقف من سيد قطب في كتابه ( سيد قطب وثورة يوليو ) ص 137 قائلا : « ان هذا الموقف يكشف عن رفض الكاتب للاختلاف في الرأي والموقف ، وعدم الاعتراف بالمخالفة والمغايرة ، والاستعداد لاتهام المخالف والتحريض عليه ، بل والدعوة إلي منعه من حقه في التفكير والتعبير » .
قطب يدعو إلي إسقاط الدستور ، وديكتاتورية عادلة ! - ثم تأتي ثالثة الأثافي حين دعا سيد قطب ضباط الثورة إلي إسقاط دستور عام 1923 حيث هاجمه واصفا إياه بأنه « الخدعة التي يطنطن بها رجال السياسة ليفرقوا بها وثبتكم ، إن الرجعية اليوم تتستر وراء الدستور وتتشبث بهذه الخدعة لتعيش » ثم يمضي قائلا : « إن الدستور الذي سمح بكل ما دفع من فساد .. هذا الدستور لا يستطيع حمايتنا من عودة الفساد إن لم تمضوا أنتم في التطهير الشامل الكامل الذي يحرم الملوثين من كل نشاط دستوري ولا يبيح الحرية السياسية إلا للشرفاء » . - ويكتمل المعني الذي ذهب إليه سيد قطب بقوله : « لقد احتمل هذا الشعب ديكتاتورية طاغية باغية شريرة مريضة مدي خمسة عشر عاما أو تزيد ، أفلا يحتمل ديكتاتورية عادلة نظيفة شريفة ستة أشهر ؟ علي فرض أن قيامكم بحركة التطهير يعتبر ديكتاتورية بأي وجه من الوجوه » . وهكذا وفي وقت مبكر جدا نجد سيد قطب يحاول أن يثير الفرقة في صفوف مجلس الثورة ، محرضا البعض ممن يتشبثون بالسلطة ضد بعضهم ، ومنهم خالد محيي الدين وضباط سلاح المدرعات الذين طالبوا مع محمد نجيب بعودة الجيش إلي ثكناته وعودة الحكم النيابي ، ما أثار صراعا بين سلاح المدرعات وسلاح المدفعية الذي كان يمثله كل من صلاح سالم وكمال الدين حسين فيما عرف بثورة ضباط المدفعية عام 1954. ويعلق حلمي النمنم في كتابه ص 99 علي ذلك قائلا : « الحقيقة أن مقال ( الاستجواب ) هذا يكشف عن توافق بلغ حد التطابق بين الكاتب وضباط مجلس قيادة الثورة ، ويبدو لي أن المقال كتب باتفاق وترتيب بين الطرفين ، خاصة أن القائد العام - اللواء محمد نجيب - كان قد أذاع بيانا في منتصف ليلة 31 يوليو دعا فيه الأحزاب والهيئات الي أن تطهر نفسها ، أما سيد قطب فكان علي اتصال يومي بالضباط ، ولم يكن هو ديمقراطيا ، ولا هم أيضا ، والتقي المزاجان في هذه الجزئية » ! سيد قطب يخوض معركة ضد العمال - كان سيد قطب رافضا لفكرة الاتحاد العام للعمال ، مؤكدا أن النقابات بحاجة أولا إلي ان تطهر صفوفها من الشيوعيين ، كذلك خاض قطب معركة ضد محاولات الحركة العمالية لإلغاء المادة ( 39 ) من قانون عقد العمل الفردي التي كانت تجيز الفصل التعفسي للعمال . وبعد مقال ( الاستجواب ) بأيام ، وقعت أحداث العمال في كفر الدوار والتي انتهت بمقتل جنديين من أفراد الجيش وجندي من الشرطة ، بالإضافة إلي ثلاثة عمال وإصابة 28 . وكان ذلك في يومي 12 و 13 أغسطس ، وبعدها كتب سيد قطب مقالا في هذا الموضوع بالأخبار يوم 15 أغسطس تحت عنوان : « حركات لا تخيفنا » قال فيه : « هذه الحوادث المصطنعة في كفر الدوار لا تخيفنا ، لقد كنا نتوقع أشد منها . إن الرجعية لن تقف مكتوفة اليدين وهي تشهد مصرعها ، إنها ستدافع عن نفسها قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة ، إنها ستضرب ضربة هنا وضربة هناك ، ولكن هذا كله لا يخيفنا ، لقد كسبنا المعركة من غير شك وكان أمر الله مفعولا » . واستمر سيد قطب في تحريضه ضد العمال فيقول : « إن عهدا بأكمله يلفظ أنفاسه الأخيرة في قبضة قوية مكينة فلا بأس أن يرفس برجليه ، لكنه عهد قد انتهي ، عهد قد مات ، إنما المهم أن نشرع في الإجهاز عليه ، وأن تكون المدية حامية ، فلا يطول الصراع ، ولا تطول السكرات ، لقد أطلع الشيطان قرينه ، فلنضرب بقوة ، ولنضرب بسرعة ، أما الشعب فإن عليه أن يحفر القبر ، وأن يهيل التراب » . - وتحدث سيد قطب عن سخط « الإقطاعيين والمستغلين والاستعماريين علي الثورة » ، وكان قطب متفهما لأسباب سخطهم ولكنه لم يتفهم كيف يسخطون ، وما الذي يمكن أن يسخطهم علي العهد الجديد ، ويمكن أن يثير خواطرهم إلي حد الفتنة ، ويقلقهم إلي حد التهور . فقد كان الرأي في مجلس الثورة يشير إلي مسئولية الشيوعيين عن أحداث كفر الدوار ، لذلك هاجم سيد قطب الشيوعية في مقال له تحت عنوان : « الشيوعية المريضة » التي لا يهمها مصلحة العمال أو تحقيق العدالة الاجتماعية لهم ، ولكن يهمها فقط الوصول إلي الحكم ، وأنهي مقاله مطالبا بالتعامل الحازم والباتر مع الشيوعيين . وبالفعل تشكلت وبسرعة محكمة عسكرية ، أصدرت أحكامها بسرعة أيضا بإعدام العاملين خميس والبقري باعتبارهما مسئولين عن أحداث كفر الدوار ، ونفذ الحكم رغم تأكيدات معظم المراقبين ببراءتهما . معركة قطب مع ملاك الأراضي - كانت المشكلة الاجتماعية والفوارق الحادة بين الأغنياء والفقراء مصدر التأزم في مصر قبل ثورة 23 يوليو ، ولذا سعي قادة الثورة إلي حل هذه المشكلة ، بدءا بفرض ضرائب ورسوم للحد من الدخول الكبيرة ، ثم أصدروا قانون تحديد الملكية الزراعية ب 200 فدان حدا أقصي للفرد ، وظهرت مخاوف من نتائج سلبية بسبب تفتيت الرقعة الزراعية ، وهنا تدخل سيد قطب في الموضوع بالكتابة محذرا منذرا كبار الملاك بأسلوبه المتحمس ، وذلك في مقال له بمجلة روز اليوسف في 26 أغسطس 1952 تحت عنوان : « من مصلحة كبار الملاك أن يخضعوا للثورة » . مهددا إياهم بقبول ما سيجري وإلا فالمسألة إليهم حياة أو موت ، ناصحا لهم « ألا يقاموا الثورة وإلا فإن الأمر سينتهي بما هو أشد من فقدان مائتي فدان ، وأن يحمدوا الله علي نعمة الحياة » . - ويستمر قطب في توجيه تحذيراته وإنذاراته إلي أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة قائلا : « من الخير للرأسماليين الكبار أن يكتفوا بعشرين أو ثلاثين أو أربعين أو خمسين في المائة من دخولهم الخيالية في ظل القانون ، من أن يقاوموا الثورة المنظمة فينتهي الأمر بما هو أشد من ضريبة المال » . ثم ينتقل بتهديداته إلي من أطلق عليهم « أصحاب الجاه والسلطان الذين لا يعجبهم اليوم أن تنزل الثورة المنظمة بهم إلي صفوف الشعب الذي وقفوا علي جثته طويلا ليرتفعوا .. إنه من الخير لهم أن يعيشوا مواطنين صالحين في جو يطمئن كل إنسان فيه علي روحه وماله وحرياته العامة من أن يتولي الشعب بنفسه تعليمهم كيف يعيشون » . وواضح أن سيد قطب بهذا التهديد إنما يلوح بثورة شعبية أشبه بالثورة الفرنسية . التي أطاحت بكبار الملاك والإقطاعيين في فرنسا . ويخيرهم بين قوة الجيش المنظمة الآمنة ، وقوة الجماهير التي تصاحبها الفوضي والعنف قائلا : « إذا لم تكن إحدي الطريقتين فستكون الأخري ، وهذه هي الحقيقة الكبيرة التي يحسن أن يدركها الجميع » . ويواصل تحذيراته ويكررها « إننا نحذر اللاعبين بالنار أنهم لن يحرقوا إلا أنفسهم » . قطب يهاجم جميع الأحزاب ويطالب بإلغائها - هاجم سيد قطب الأحزاب جميعا ، وفي ذلك قال : « لم يخب ظني في هذه الأحزاب القديمة ، كنت أدرك أنها أحزاب انتهت ، تجمدت ، فقدت القدرة علي الحركة فلم تعد صالحة للبقاء ، ولا قابلة للشفاء ، إن مشكلة هذه الأحزاب أنها لم تدرك أنها قد تحولت إلي تروس صدئة في الجهاز الاجتماعي الفاسد الذي يكافحه الشعب » . ثم يشن هجوما شديدا علي حزب الوفد بالذات لكونه حزب الأغلبية ، وذلك رغم اعترافه بانضمامه للوفد عندما تعرف علي العقاد عقب مجيئه إلي القاهرة ، وظل عضوا في الحزب حتي سنة 1942 حيث استقال منه ، وفي ذلك يقول : « استكمل حزب الوفد الطابع الرجعي بانضمام الاقطاعي سراج الدين إلي صفوفه ، وبروزه في هذه الصفوف ، وسيطرته عليه في النهاية ، وكانت هذه نهاية الوفد كحزب يعبر عن اتجاه الجماهير » . ولا يكتفي سيد قطب بالتهجم علي الأستاذ فؤاد سراج الدين ، بل ويتهجم أيضا علي مصطفي النحاس باشا ، فيقول : « إن حزب الوفد شاخ وانتهت أيامه ، ومصطفي النحاس رجل شاخ وانتهت أيامه » . وسيد قطب في هذه الاتهامات الباطلة يتجاهل حقائق مهمة في تاريخ حزب الوفد أبرزها أنه قاد ثورة 1919 ضد الاحتلال البريطاني ، وأن الأستاذ فؤاد سراج الدين كان وزير الداخلية الذي أدار معركة الشرطة ضد القوات البريطانية في منطقة القناة ، وسحب العمال المصريين من المعسكرات البريطانية هناك ، وأن مصطفي النحاس باشا هو الذي طالب البرلمان بإلغاء معاهدة 1936 في عام 1951 كما تجاهل حقيقة أخري مهمة وهي أن الوفد كان يضم شرائح عديدة من المجتمع المصري من الفلاحين والعمال والمتعلمين ولم يكن مقصورا فقط علي كبار الملاك والاقطاعيين والرأسماليين ، كما حاول سيد قطب أن يصوره مفتريا علي هذا الحزب وتاريخه ورجاله . كما تجاهل أيضا أن الوفد هو الذي تصدي للملك فاروق حتي أقصاه الأخير بعد حريق 26 يناير 1952 المدبر بواسطة الملك والإخوان . - وفي دعوة سيد قطب إلي تطهير الأحزاب ، بل وإلغائها لم يبال بمبادئ العدل والقانون ، بل رأي ضرورة أن يختفي من مجال النشاط القومي كل رجل حامت حوله الشكوك ، دون الاهتمام بالتحقق من هذه الشكوك ، بل نجده يقول صراحة ودون مواربة « لأن نظلم عشرة أو عشرين من المتهمين خير من أن ندع الثورة كلها تذبل وتموت » ! وكانت النتيجة أن بدأت المحاكمات العسكرية تعقد لمحاكمة رؤساء الأحزاب والقوي السياسية أمثال فؤاد سراج الدين وإبراهيم عبدالهادي وإدانتهم والحكم عليهم بالسجن .
- مع قيام ثورة 23 يوليو تبوأت جماعة الإخوان في البداية مكانا مرموقا لدي قادة الثورة وضباطها ، بحكم اتصالات سابقة بين بعض هؤلاء القادة والجماعة ، حتي قيل إن عبدالناصر وعبدالمنعم أمين وأنور السادات وكمال الدين حسين كانوا أعضاء فيها . إلا أن التعاون بينهما ما لبث أن تعثر لأن الجماعة كانت تتصرف وكأنها طليعة القوي السياسية في مصر ، والمحور الرئيسي للمسار العام خارج شرعية النظام ، بل وأرادت أن تفرض وصايتها علي قادة الثورة ، ليس فقط فيما يصدر عنهم من قرارات ولكن أيضا في تشكيل الوزارات ، حيث أرادت أن تحتفظ لنفسها بعدد من الوزارات السيادية والتربوية ، بل وأرادت أن تفرض رؤيتها في صغائر الأمور مثل ضرورة ارتداء الفتيات الحجاب ! ، وهو ما رفضه عبدالناصر ، كما هاجمت قانون الإصلاح الزراعي الذي صدر في سبتمبر عام 1952، وطالبت برقابتها علي كل القوانين والتشريعات قبل أن تتخذ الحكومة قرارا بشأنها ، كذلك عارضت إنشاء هيئة التحرير ، وحاربت اتفاقية الجلاء ، وطالبت بإصدار دستور إسلامي يطبق الشريعة ، وعلي أن يتم ذلك فورا ، وقبل أن تحل القضية الوطنية بإجلاء قوات الاحتلال البريطانية أو القضايا الديمقراطية والاجتماعية ، وهددت بإحياء نشاط التنظيم العسكري إذا لم تتحقق مطالبها . - وعلي ما يري د . فؤاد زكريا في كتابه ( الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصرة ) ص 63 أن العلاقة بدأت بين النظام والجماعة تتخذ نمطا مميزا هو محاولة كلا الطرفين استغلال الآخر لتحقيق مصالحه الخاصة ، والانتقال إلي العنف كلما أصبح التعارض بين مصالح الطرفين صارخا . ففي العامين الأولين من الثورة ، تصور الإخوان أنهم يستطيعون استغلالها لصالحهم ، وتصورت الثورة أنها قادرة علي استخدام الإخوان لمحاربة الأحزاب ، وحدث تحالف مؤقت ، ثم جاء الصدام ، وهو صدام كان في جوهره سياسيا لا عقائديا ، وكان صراعا للقوي لا صراعا بين الأفكار . وهكذا تحولت الجماعة من المهادنة والتوفيق والتدرج في ظل السلطة الملكية إلي المعارضة والصدام مع السلطة الناصرية حتي انتهي الأمر بالصدام الدموي عام 1954 وبشنق عدد من قادتهم وبسجن وتعذيب ما يقرب من ألف من أعضائها ، وهروب آلاف آخرين إلي دول أخري أبرزها السعودية . ابتعاد قطب عن الثورة والتصادم معها - عندما قامت ثورة 23 يوليو كان سيد قطب من أكثر المصريين تأييدا ومساندة لها ، وسخر قلمه منذ البداية لمؤازرتها ومهاجمة من يقف في طريقها ، ودعا إلي الإفراج عن السجناء السياسيين ، وإعادة إنشاء إدارة حكومية جديدة ، بل واعتبرها أعظم انقلاب في تاريخ مصر الحديثة علي الإطلاق ، مما دعا بعض الكتاب أن يخلعوا عليه وقتذاك لقب ( ميرابو الثورة المصرية ) . وعقب وقوع الثورة مباشرة أختير سيد قطب مستشارا لمجلس قيادة الثورة للشئون الثقافية والعمالية ، وكان المدني الوحيد الذي يحضر جلسات المجلس في أحيان كثيرة ، كما كان له مكتب خاص به في مقر قيادة الثورة . وقد أوكل قادة الثورة له مهمة تغيير مناهج التعليم . وقد ذكر قطب أنه « كان يعمل أكثر من اثنتي عشرة ساعة يوميا تقريبا مع رجال الثورة ومعهم ومع من يحيط بهم » . ولكن بدأ ابتعاد سيد قطب عنهم في فبراير عام 1953، وأرجع ذلك إلي اختلاف رأيه عنهم حول هيئة التحرير ومنهج تكوينها منذ نشأتهم وعبر 85 عاما وحتي اليوم رغم تعيينه سكرتيرا عاما مساعدا لها ، وأيضا إلي محاولة أمريكا احتواء الثورة ، وهو ما لم يقتنع به كثير من الكتاب لأن علاقات قطب مع الأمريكيين كانت قائمة منذ بعثته هناك عام 1950 كما أن علاقة ضباط الثورة مع الأمريكيين أيضا كانت قائمة من قبل الثورة بواسطة رجل المخابرات ( مايلز كوبلاند ) الذي دبر لقاءات بينهم وروزفلت رجل المخابرات المركزية في مارس عام 1952، وهو ما أكده حسنين هيكل في ( وثائق القاهرة ) . كما ادعي البعض ان ابتعاد سيد قطب عن رجال الثورة كان بسبب كونهم لا يعملون بالمنهج الإسلامي . كذلك أرجع آخرون سبب الابتعاد إلي أن سيد قطب كان يريد أحد منصبين : وزير المعارف أو مدير الإذاعة ، ولكن عبدالناصر عين غيره في المنصبين ، وفوجئ بهم يعرضون عليه منصب ( وكيل الوزارة ) ، فآلمه ذلك كثيرا ورفض المنصب ، حيث اعتبر ذلك عدم تقدير من جانب رجال الثورة للجهد الضخم الذي بذله في تأييدهم ومساندتهم والدفاع عنهم . - وعندما شعر سيد قطب أن الثوار خذلوه ، ولم يحققوا له طموحاته ، بدأ يقارن بين ما يمكن أن يحصل عليه لو استمر مع ثوار يوليو ، وبين ما يمكن أن يجنيه من مساندته للإخوان ، وكانوا بدأوا بدورهم الابتعاد عن الثورة ، فقرر أن يلقي بثقله كله ورهانه علي جماعة الإخوان وشغل منصب الإشراف علي قسم نشر الدعوة التابع لمكتب الإرشاد ، وكان قد سبق أن نفي لجمال عبدالناصر انضمامه للإخوان .
- وعندما شعر سيد قطب أن الثوار خذلوه ، ولم يحققوا له طموحاته ، بدأ يقارن بين ما يمكن أن يحصل عليه لو استمر مع ثوار يوليو ، وبين ما يمكن أن يجنيه من مساندته للإخوان ، وكانوا بدأوا بدورهم الابتعاد عن الثورة ، فقرر أن يلقي بثقله كله ورهانه علي جماعة الإخوان وشغل منصب الإشراف علي قسم نشر الدعوة التابع لمكتب الإرشاد ، وكان قد سبق أن نفي لجمال عبدالناصر انضمامه للإخوان . ومن المعروف أنه قبل 23 يوليو 52 بشهور كان يطلق علي نفسه أنه واحد من « أصدقاء الدعوة الإسلامية » ، وانتقد موقف الإخوان من معركة القناة بعد إقدام حكومة الوفد علي إلغاء معاهدة عام 1936، وشاء أن يخرج الهضيبي ، فطالبه علي صفحات ( المصري ) بتحديد موقفه قائلا : « إن رأي الإخوان يجب أن يكون واضحا في مناهج وبرامج محددة ولا يحيل إحالة غامضة إلي رأي الإسلام ، بل أن تقول وتعلن : ؟ « ما هو رأي الإسلام الذي يراه الإخوان .. إن آراء الإسلام في كل حقل من حقول الحياة يمكن أن تصور تصويرا مغرضا مشوها إذا تركت بغير تحديد واضح في صورة مناهج وبرامج محددة في كل جانب من جوانب الحياة ، وأنه ينبغي أن تعلن للناس هذه المناهج المحددة وهذه البرامج الواضحة » ، وهو ما جعل الهضيبي يرد عليه منتقدا كثرة حديثه عن موقف الإخوان . وفي واقع الأمر أن سيد قطب كان في السنوات الأولي للثورة يسير في علاقاته مع الثوار والإخوان في خطين متوازيين . وكان حريصا علي توثيق صلاته بكل من مجلس الثورة ومكتب الإرشاد ، حتي إنه شارك في مؤتمر في 18 أغسطس 52 عقده الهضيبي طالب فيه قادة الثورة بالإفراج عن سجناء الإخوان منذ عهد الملكية ، وقد وصف قطب سجناء الإخوان بأنهم « الكوماندوز .. طلائع حركة محمد نجيب ، ولهذا فالإفراج عنهم أمر مكمل للحركة . والواقع أن سيد قطب كان في حاجة إلي انغماسه في جماعة الإخوان حتي النخاع ، ليس فقط لاتفاقها مع أفكاره وآرائه ولكن لكونه في حاجة إلي شبابها ليشكلوا له النموذج الذي يهواه ويبحث عنه منذ عمله بالأدب ، وهم تلاميذ ومريدون يعجبون كما كان الأمر مع عباس العقاد وطه حسين ، وافتقده قطب عندما عمل بالأدب والنقد ، فأراد أن يحققه عند العمل مع جماعة الإخوان . - وحقيقة الأمر أن سيد قطب بعد انتمائه لجماعة الإخوان ومراقبة سيرها العملي والصراعات والأخطاء التي وقعت فيها ، اقتنع برأي مفاده أن اغتيال حسن البنا فجأة وغيبته عن الجماعة دون أن يكون وراءه صف ثان يعرف منهجه الطويل ، هو الذي أوجد ارتباكا واضطرابا في الجماعة ، وهو ما يعني أن النقيصة الأساسية في حركة الجماعة من وجهة نظره هي غياب المنهج الواضح ، وفي حقيقة الأمر أن سيد قطب لم يجد المرشد الهضيبي أهلا لتولي هذا المنصب وأنه أحق به إلا أن ذلك لم يمنع من بقائه داخل الجماعة والعمل في صفوفها مراهنا بكل أوراقه عليها بعد أن ترك الثورة وتحوله نحو انتقادها ، وبروز الأزمة بين الإخوان ورجال الثورة ، واعتبرت الأجهزة الناصرية أن الأزمة تعود إلي امتلاك الجماعة لتنظيم سري عسكري دفعها لفرض الوصاية علي الثورة . - وفي نهاية عام 1953 قرر مرشد الجماعة إصدار جريدة أسبوعية ( الإخوان المسلمون ) علي أن يتولي سيد قطب رئاسة تحريرها ، وفيما كان قطب يستعد لإصدار الجريدة ساءت العلاقة بين الإخوان والثورة ، وصدر قرار بحل الجماعة في يناير عام 1954، وتم إلقاء القبض علي عدد من الإخوان كان سيد قطب من بينهم وظل في المعتقل حتي مارس من نفس السنة ، حين انفرجت الأمور بين الإخوان والثوار مؤقتا ، فأفرج عنه ، وعاد إلي إصدار الجريدة مرة أخري في 20 مايو 1954 .. ولكن عندما بدأ عبدالناصر نشر دعوته إلي القومية العربية ، عارضها سيد قطب ودعا في المقابل إلي الوحدة الإسلامية . كما شن هجوما علي بعض بنود اتفاقية الجلاء ، وصار يصف قادة الثورة ب « الحكام الجدد » ، بل وصار يحذرهم من المساس بالإخوان المسلمين حتي لا يحدث بالثوار ما حدث مع الملك فاروق عندما نكل بالإخوان وقتل مرشدهم حسن البنا ، فتمت الإطاحة بالملك ونظام حكمه ، فكانت النتيجة أن أوقف عبدالناصر إصدار المجلة بعد 12 عددا ، لاسيما بعد أن عارضت اتفاقية الجلاء . - ومع أحداث أكتوبر عام 1954، والتي تمت فيها محاولة اغتيال عبدالناصر وهو يلقي خطابا له في ميدان المنشية بالإسكندرية ، والتي بدئ علي أثرها في اعتقال أعضاء الجماعة ، وتشكيل ( محكمة الشعب ) لمحاكمة زعمائهم ، وكان نصيب سيد قطب خمسة عشر عاما من الأشغال الشاقة لاتهامه بكتابة منشورات سرية للإخوان ضد الثورة ، وكانت النشرة بعنوان ( الإخوان في المعركة ) ، وقضي أغلبها في مستشفي السجن الملحق به لسوء صحته . وقد سمحت له الحكومة بالكتابة داخل السجن ، وتردد يومها أن الشيخ محمد الغزالي عين رقيبا دينيا علي ما يكتبه ، وكان أن تمكن من كتابة 13 جزءا من كتاب ( في ظلال القرآن ) . - وفي كتاب الظلال تحول سيد قطب من الاهتمام بواقع حال لمجتمع محدد من واقع فهمه الخبرة الإسلامية ، إلي ضيقه بكل المجتمعات الإسلامية القائمة بدعوي أنها لا تسترشد بالإسلام . وقد عبر محمد خلف الله في كتابه ( الصحوة الإسلامية في مصر ) عن أثر فترة اعتقال سيد قطب بقوله : « إن المحنة السجينة لسيد قطب كانت العامل المباشر في تحول فكرة وتصلبه وانضمامه إلي الفكر الإسلامي الناشئ في الهند وباكستان ممثلا في ( أبوالأعلي المودودي ) و ( أبوالحسن الندوي ) . - ولقد ساعد ما عاناه قطب في السجن علي عملية مراجعة شاملة للفكر الذي تتبناه الجماعة . فقد كانت النواة حاضرة وتصاعدت خميرتها ، وكانت في شطر كبير منها حقدا علي الدولة وعلي النظام الثوري ، حين دار حوار السجناء حول غيبة الله ( حاشا لله ) ، من حيث إنه لم يقض علي أعداء الإخوان الذين ينالون منهم ويعذبونهم . وقد أثري سيد قطب هذا الحوار بمؤلفاته التي تمثل الاتجاه الحركي في خطابه ، وهي ( هذا الدين ) الذي أوضح فيه خصائص المنهج الإسلامي وما يمتاز به عن المناهج الوضعية ، ثم كتب ( المستقبل لهذا الدين ) وركز فيه علي عدم جدوي محاولات ضرب طلائع البعث الإسلامي ، وهاجم أنظمة الحكم التي كانت تقوم بهذا الدور ناعتا إياها بالجاهلية « مهما تعددت أشكالها وبيئاتها وأزماتها » ، ثم أخيرا كان كتابه ( معالم في الطريق ) الذي اكتسب شهرة علي امتداد عالمي ، وتشبث به وانتسب إليه ألوف من المتأسلمين علي نطاق العالم والذي هدف به أن تعرف الجماعة طبيعة دورها وحقيقة وظيفتها .. كما تعرف طبيعة موقفها من « الجاهلية الضاربة الأطناب في الأرض جميعها » ( ص 9 من المعالم ) . - وقد تصدي المرشد الهضيبي لهذا الفكر القطبي بكتابه ( دعاة لا قضاة ) مستنكرا تكفير المسلمين جميعا بغير استثناء ، ومفسرا أن الحاكمية لله لا تنفي أن الله تعالي ترك للإنسان الكثير من أمور الدنيا لينظمها حسبما تهدينا إليه عقولنا » . أما الأستاذ حلمي النمنم فقد قال في كتابه السابق الإشارة إليه ص 145 ( إن معالم في الطريق هو أضعف كتب سيد قطب فكريا ، وأسوأها في الكتابة ، إنه يضم فكرة واحدة قديمة لديه ، أخذ يلح عليها ويكررها يعيد ولا يزيد شرحا وتوضيحا بلا ملل ، وبأسلوب أدبي يعتمد علي الاستطراد والإنشاء فقط ، إنه مونولوج طويل يمتد حوالي 200 صفحة ، مونولوج يقطر حزنا ومرارة وشعورا بالثأر والرغبة في الانتقام » . أما الأستاذ عادل حمودة فيؤكد في كتابه المشار إليه آنفا ص 142 « من المؤكد أن مذبحة سجن طرة حسمت الأمر داخل سيد قطب ، فقد أصبح مقتنعا بأن النظام الذي يحكم لا يمت للإسلام بصلة ، ولانه نظام غير إسلامي ، فلابد أنه نظام جاهلي لابد من مقاومته ومحاربته ، وفرض الإسلام الصميم عليه . لقد أصبح الآن ( سيد قطب ) وبسبب محنته ومحنة الإخوان يؤمن بضرورة الجهاد بالسيف للتخلص من هذا المجتمع الكافر الذي يعيش في جاهلية وينطق الشهادتين ولا يعمل بهما » . - وإذا يحاول بعض الإخوان أن يبرروا عنف أفكار سيد قطب في كتابه ( معالم في الطريق ) بأنها « نتيجة تعرض سيد قطب للتعذيب والاعتقال » فإننا ننفي ذلك لأن سيد قطب لم يخضع للتعذيب فقد قضي كل فترة السجن تقريبا في عنبر مستشفي لسجن بليمان طرة . أما الصحيح فهو ما يقوله البعض الآخر « لا يمكن أن يكون الضغط هو السبب في بروز هذا الفكر ، ذلك لان الإخوان بصفة عامة تعرضوا للضغط أكثر من سيد قطب ، فهذا الفكر هو اعتقاد وإيمان نابع من سيد قطب ومن المجموعة التي آمنت به » . - وفي مايو 1964 - أي بعد عشر سنوات من السجن - صدر لسيد قطب عفو رئاسي لأسباب صحية بوساطة من الرئيس العراقي الأسبق عبدالسلام عارف ، في ظروف كانت المعركة ضد قوي الرجعية العربية قد زادت من حساسية المسألة الدينية ، ووضعتها في منطقة الضوء . وحتي بعد الإفراج عنه ، فإنه ظل ينفي التهمة الموجهة إليه في عام 1954. - قبل الإفراج عن سيد قطب بعدة أعوام ، رشح سيد قطب لقيادة التنظيم السري ، وعندما أسعف بالإفراج عنه بدأ علي الفور ممارسة مسئوليات القيادة ، مستثمرا المكسب السياسي الذي جناه من مرحلة الاعتقال ، والذي منحه ( شرعية ) نضالية ، فقد كانت لديه قناعة محددة تقوم علي أمرين أساسيين هما : الأول أن تبدأ الحركة من القاعدة وليس من القمة ، وذلك عبر « إحياء مدلول العقيدة الإسلامية في القلوب والعقول والتربية الإسلامية الصحيحة ، والابتعاد عن إضاعة الوقت في الأحداث السياسية الجارية أو محاولات فرض النظام الإسلامي عن طريق الاستيلاء علي الحكم قبل أن تكون القاعدة المسلمة في المجتمعات هي الساعية إلي النظام الإسلامي لأنها عرفته علي حقيقته وتريد أن تحكم به » . أما الأمر الثاني فهو « رد الاعتداء الذي يمكن أن يقع علي الحركة ، ثم يوضح سيد قطب كيفية إجراء هذه الحماية « هذه الحماية تتم عن طريق مجموعات مدربة تدريبا فدائيا بعد تمام تربيتها الإسلامية من قاعدة العقيدة ثم الخلق » . وكان المخطط طبقا لما تقوله زينب الغزالي : « أن نسخر مدة التربية والتكوين والأعداد .. وأن يستغرق برنامجنا التربوي ثلاثة عشر عاما ، عمر الدعوة في مكة .. ولكن رغبة الانتقام واستعجال التغيير كانت أسبق » . - وعقب خروج سيد قطب من السجن التقي عددا من شباب الجماعة .. منهم عبدالفتاح إسماعيل ، وعلي العشماوي وأحمد عبدالمجيد .. وغيرهم ، وأخبروه بأنهم يشكلون تنظيما منذ حوالي أربع سنوات ومشكلتهم أنهم بلا قيادة ويريدونه قائدا لهم خاصة أنهم ذهبوا إلي الجيل القديم من الإخوان ولكنهم لم يجدوا بينهم من يصلح قائدا لهم ، خاصة بعد أن قرأوا كتبه وسمعوا أحاديثه ويريدون تحويلها إلي أعمال علي الأرض ، وفي ذلك يقول قطب « كنت أمام أمرين : إما أن أرفض العمل معهم ، وهم لم يكونوا علي النحو الذي أنا مقتنع به ، وإما أن أقبل العمل علي أساس تدارك ما فاتهم من المنهج الذي أتصوره للحركة ، وعلي أساس إمكان ضبط حركاتهم بحيث لا يقع اندفاع في غير محله .. وقررت اختيار الطريق الثاني والعمل معهم وقيادتهم » . - قام بعض الإخوان القدامي - مثل منير الدلة - بتحذير سيد قطب وتنبيهه إلي خطورة هؤلاء الشبان وتهورهم ، وأنهم يفكرون في التعجيل بضرب مكتب المشير عبدالحكيم عامر ، وأنهم دسيسة علي الإخوان من المخابرات الأمريكية ، وأن المخابرات المصرية « كشفاهم » . وفي نفس الوقت اشتكى هؤلاء الشباب إلى سيد قطب قادة الإخوان الذين يتهمونهم بأنهم جواسيس الحكومة . ولكن سيد قطب استبعد تحذيرات قدامى الإخوان تماما وانحاز بالكامل إلي الشبان وقرر أن يدافع عنهم ، ولم يكشف قطب بأن يقودهم فقط ، ولكنه أخذ يحدثهم عن اختراق الماسونية لجماعة الإخوان ، وأن وكيل الجماعة خميس حميدة أحد الماسونيين ، لذلك اخترقت المخابرات البريطانية قيادة الجماعة وجندت حلمي المنياوي من مكتب الإرشاد ، وأن حسن البنا كان يعلم ذلك ، ولكنه ظل محتفظا بهذه المعلومات لنفسه إلي أن وقعت عملية اغتياله ، فمات معه السر . - ظل سيد قطب يلتقي أعضاء التنظيم ليشرح لهم أفكاره ويقدم آراءه ، وأعلن لهم أن لديه معلومات مؤكدة أن مكتب المشير عامر يفكرون في ضرب الإخوان الآن ، وإن علينا أن نستعد لذلك خاصة أن قائمة اغتيالات جديدة تشملهم جميعا ، وأنه - أي سيد قطب - يتصدر هذه القائمة ، ومن ثم فإن الصدام قائم وآت لا ريب فيه ، وبالتالي فعليهم الاستعداد العسكري للرد والدفاع ، وصارحه الأعضاء بأنهم يجدون صعوبة في الحصول علي السلاح ، إلا أنهم يعدون عبوات متفجرة بأنفسهم ، ولكن قطب أخبرهم بأن لديه خبرا بقرب وصول عربة من السودان محملة بالسلاح خلال شهرين . أما عن التخطيط للضربة فقد أوضح لهم قطب أن عليهم تحديد الأهداف التي يسهل ضربها وأن تكون « ضربة رادعة » ويجب أن تشمل « إزالة الرؤوس وفي مقدمتها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومدير مكتب المشير ومدير المخابرات ومدير البوليس الحربي ، ثم تنسف بعض المنشآت التي تشل حركة مواصلات القاهرة لضمان عدم تتبع بقية الإخوان فيها وفي خارجها كمحطة الكهرباء والكبارى » ( سيد قطب - كتاب لماذا أعدمونى ) . وكان من ضمن الأهداف المخطط ضربها نسف القناطر الخيرية ولكنهم استبعدوها لأنها ستغرق الدلتا . - وعندما كشفت الأجهزة الأمنية هذا التنظيم وخططه وبدأت حملة الاعتقالات ، ولم تكن هناك أسلحة وردت من السودان كما كان متوقعا ، أرسل سيد قطب شقيقته ( حميدة ) إلي علي عشماوي لتبلغه رسالة من قطب مفادها : « أنا لا أريد زوبعة في فنجان ، إذا كنتم قادرين علي تنفيذ عمل ضخم يهز أركان البلد فافعلوا ، وإن لم تكونوا علي مقدرة بذلك فالغوا جميع الأوامر والخطط المتفق عليها وهذا خير لنا جميعا . وكما يصف حلمي النمنم حال قطب في هذه الحالة « كان سيد قطب بهذه الرسالة يعتقد أن الاعتقال خير من المواجهة الضعيفة » . وتم القبض علي أعضاء التنظيم ومنهم سيد قطب في 9 أغسطس 1965 وتمت محاكمته وصدر ضده حكم بالإعدام نفذ في 29 أغسطس 1966. ولقد كان هذا التنظيم محكوما عليه بالفشل لكثير من الأخطاء التي وقع فيها ، ولكن وهو الأهم ما جاء في اعتراف علي العشماوي الذي قال فيه : « إذا كانت الماسونية وأجهزة المخابرات الغربية اخترقت الجماعة في قياداتها العليا ، فما جدوى هذه الجماعة أصلا وما دورها ؟ ! . لقد عشت التجربة علي أعلي مستوي واكتشفت أيضا الخيبة عند أعلى مستوى في الجماعة » ( لقاء حلمي النمنم مع علي عشماوي يوم 19 مارس 99 ) . - نكشف محتويات هذه المقالة عن الفكر الميكيافيللي لجماعة الإخوان في الاقتراب من الثورات الشعبية وركوبها ثم استغلالها حتي وصول الجماعة للسلطة والحكم ، ثم تنقلب علي كل من أوصلهم وتحالف معهم من قبل شاهدنا ذلك في محاولة الجماعة ركوب ثورة 23 يوليو والسيطرة عليها ، وعندما رفض عبدالناصر ذلك حاولوا اغتياله والإطاحة بنظام حكمه عبر مخططات الاغتيال والتخريب والتدمير ، فهل اختلف ذلك عما فعلته جماعة الإخوان مع ثورة 25 يناير 2011 عندما ركبتها بعد أن أدركت انتصارها وسقوط نظام حسني مبارك ، ثم هادنت الجماعة الجميع حتي وصلت إلي الحكم ثم أطاحت بهم جميعا بمن فيهم قادة المجلس العسكرى حتي كشف حقيقتهم الشعب المصري وأطاح بهم مع الجيش والشرطة في ثورة 30 يونية عام 2013، إنه تاريخ قديم وحديث لا يتغير أبدا بسبب ترسخ معتقد لدي الجماعة بأن هدفها الرئيسى الذي لا يغيب عنها أبدا هو الوصول إلى السلطة والحكم مهما كان السبب ، وما الدين الإسلامي إلا وسيلة وغطاء خداعي لهذا الهدف ، وليقتل في سبيل ذلك من يقتل ، ويخرب ويدمر لأجل ذلك كل ما علي أرض مصر حتي ولو كانت القناطر الخيرية كما أراد سيد قطب عام 1965 وحتي لو أحرقت مصر بالكامل كما أراد خيرت الشاطر عام 2013 إذا ما سقط نظام حكم الجماعة ورئيسها محمد مرسى . - ومن أجل تحقيق هذا الهدف لا تتورع الجماعة عن الإطاحة بالآلاف من أرواح المصريين ، برز ذلك واضحا في كلام سيد قطب الذي أشرنا إليه آنفا بقوله « لئن نظلم عشرة أو عشرين من المتهمين خير من أن ندع الثورة تذبل وتموت » . فهل يختلف هذا القول عما قاله الرئيس المعزول محمد مرسى « إننا علي استعداد للتخلص من بضعة آلاف من أجل ألا يعيش باقي الملايين من المصريين فى فوضى » . لذلك لم يكن غريبا أن يهدد قادة الإخوان الفريق السيسي بحرق كل مصر إذا ما سقط نظام حكم الإخوان في مصر ، بل هددوا أيضا باستدعاء الأمريكيين إلي مصر لحماية نظام حكمهم ، وهو ما فعله فعلا التنظيم الدولي للإخوان باللجوء إلى كل الدول والمنظمات الأجنبية للتدخل من أجل إرجاعهم للحكم ، وهو ما يؤكد للمرة الألف تبعية واعتماد هذه الجماعة علي القوي الخارجية والاستقواء بها علي حساب أمن واستقلال الوطن ووحدة أراضيه ، ويعني أيضا سقوط الجماعة في مستنقع الخيانة حتي النخاع ، فقد سبق في الخمسينيات والستينيات أن اخترقتهم الماسونية وأجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية وهو ما اعترفوا به . - كما تكشف أحداث علاقة الإخوان بنظام ثورة 23 يوليو ، وأحداث ما بعد سيطرة الإخوان علي نظام الحكم في مصر في يوليو 2012 أن ما تتشدق به من تمسكها بالديمقراطية والتعددية الحزبية وحرية السلطة القضائية وحرية الإعلام ، ما هي إلا شعارات جوفاء لا معني لها في معتقدات الإخوان وسلوكياتهم . فقد طالب سيد قطب في يوليو 1952 بإلغاء الأحزاب والدستور والقوانين القائمة ، ورفض حرية الصحافة والكتابة والفن ، وتدخل الدولة للحد من الملكيات والرأسماليات الخاصة ، وأن لا مكان لما يسمي حقوق الإنسان ، ولا دور حقيقيا للجماهير وأنهم في عرف سيد قطب ( قطيع يجب أن ينصاع للقائد ) ، كما رفض سيد قطب أن تكون مصر كيانا مستقلا بذاته ، ولا وطنا خاصا بالمصريين ، بل جزء من الجبهة الإسلامية .. فهل اختلف ما نادي به وطبقه الإخوان في عام 2013 عما أرساه سيد قطب من هذه المعالم والمبادئ ؟ ! فقد احتكروا كل شيء في الدولة لصالح تمكين الإخوان منها ، واستباحوا حرمات المصريين من أرواح وثروات علي النحو الذي جرى في المجازر والجرائم التي ارتكبوها في الاتحادية والمقطم وكرداسة والمنيا ورابعة والنهضة .. وغيرهما علي كل الساحة المصرية ، وطبخوا لمصر دستورا في ليلة واحدة ، وحاصروا المحكمة الدستورية ، وأقالوا النائب العام وسعوا إلي أخونة الإعلام والتعليم والشرطة والقضاء والجيش والنقابات المهنية والعمالية من قبل .. إلي غير ذلك من أخونة كل مؤسسات وهيئات الدولة طبقا لخطة التمكين التي وضعها خيرت الشاطر عام 2005 تحت اسم ( فتح مصر ) .
- ولكن ، وكما اعترف علي العشماوى بأن جماعة الإخوان مخترقة من قبل الماسونية وأجهزة المخابرات الأجنبية ، وتساءل عن جدوى هذه الجماعة أصلا وما دورها ، معترفا بخيبتها وفشلها ، فقد تحقق نفس الأمر وتكرر في العام 2013 الشؤم الذي سيطرت فيه الجماعة علي الحكم في مصر ، فقد أثبتت تبعيتها واختراقها بواسطة أجهزة المخابرات الأمريكية والماسونية ، ولكن بفضل الله ووعي الشعب المصرى فشلت جماعة الإخوان في كل محاولاتها للتمكين لها في مصر ، وخابت في كل ممارساتها الإجرامية من تحقيق أي أهداف سياسية أو استراتيجية ، كما خاب تنظيمها الدولى في استعداء العالم الخارجي ضد مصر ، وهذا واقع حديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم القائل فيه عن مصر « من أرادها بسوء قصمه الله » .
| |
|
Eid Al Said Admin
التوقيت :
عدد المساهمات : 706 النشاط : 1733 الجنس : التقيم : 0 تاريخ التسجيل : 09/08/2013
| موضوع: ما لا يعرفه الإخوان عن كاهنهم الأكبر (4) الإثنين ديسمبر 09, 2013 3:09 am | |
| كان لافتا للنظر أن الرئيس المعزول محمد مرسي عندما وصل الى سجن برج العرب ، أن طلب الحصول على كتب سيد قطب خاصة « معالم في الطريق » لتكون سلواه في سجنه
وهو ما يؤكد مدى تأثر مرسي بالفكر القطبي ، وانعكاس ذلك في منظومة سياساته وسلوكياته خلال عام الشؤم الذي حكمت فيه جماعة الإخوان مصر ، وقذ ذكرت ذلك بموقف لمرسي جرى في ندوة لقناة الفراعين قبل ثورة 25 يناير بحوالي عام ونصف ، دعا لها الباحث الاسلامي ضياء رشوان ، وشارك فيها محمود عزت ومحمد مرسي كممثلين لجماعة الإخوان لمناقشة ما أثير حول كتاب « دعاة لا قضاة » هاجم فيه المرشد حسن الهضيبي أفكار قطب عن التكفير ، وأيده في ذلك المرشد التالي عمر التلمساني ، فعندما سأله رشوان عن مدى مطابقة أفكار الاخوان لما جاء في كتب سيد قطب ؟ أجاب مرسي : « عندما قرأت للأستاذ سيد قطب بعد وفاته ، عشت في كتاباته فصارت جزءا مني .. لقد وجدت فيه الإسلام بما فيه من السعة والرؤية الشاملة للإسلام ، ثم أضاف مرسي قائلا : « وصحيح أن الأستاذ سيد قطب يقول نصوصا تكفيرية ولكننا لا نعتبرها تكفيرية ! ولكنها نصوص تحرك الوجدان وتتحدى العقل ، ويجب لمن يقرأ لسيد قطب أن يتعلم اللغة العربية أولا » ، ثم هاجم القرضاوي الذي سبق أن استنكر الفكر التكفيري لقطب ، فقال محمد مرسي : « قلبي على القرضاوي الذي لا يعرف العربية ولا يتقن غير التركستمانية ! فإذا عرف العربية سيعرف أن ما يقوله قطب هو الاسلام ، وأنا شخصيا عندما قرأت لقطب تحريت الدقة وسألت الكبار حتى أفهم ما كتبه ! » ، وقبل أن تنتهي الحلقة تلقى ضياء رشوان مداخلة تليفونية على الهواء من محمد بديع يؤيد فيها دفاع مرسي وعزت عن أستاذهما وصاحب فكرهما سيد قطب ، وعندما أخذ العجب القرضاوي مما قاله قادة الاخوان على رأيه ، وسأل سليم العوا عمن هؤلاء ؟ أجاب العوا : هؤلاء هم تنظيم العشرات ، فرد عليه القرضاوي فاغرا فاه : أهم أهم ؟ ! أهؤلاء من حذرنا منهم التلسماني ؟ ! أصبحوا الآن قادة للإخوان ! إنا لله وإنا إليه راجعون !
تنظيم العشرات أساس القطبيين فمن هم تنظيم العشرات ؟ يجيب الأستاذ ثروت الخرباوي عن هذا السؤال المهم في كتابه « سر المعبد » ص 300 قائلا : « هى أجيال نهلت من كتاب الظلال ومن « معالم في الطريق » ، كرهت هذه الأجيال المعاني الجميلة التي في الكون .. وتربت فكريا على أن الديمقراطية حرام ، والليبرالية كفر ، فتحت هذه الأجيال رؤوسها ليتم حشوها بكراهية كل المناهج السياسية والاجتماعية التي ابتدعها الانسان لنفسه ، فهمت أننا نعيش في جاهلية أشد ضراوة من جاهلية القرون الأولى ، وأن القوانين التي وضعناها لأنفسنا لتنظيم معايشنا هى الطاغوت والكفر ، فهمت هذه الأجيال الجديدة « إن الحكم إلا لله » على نحو يخاصم اجتهادات البشر ، ليس لنا أن نجتهد لأنفسنا وكيف نجتهد والله هو الحاكم الحكم ؟ فهمت الله على غير مراد الله ، الله عندهم هو الذي لا يرحم إلا هم ، ولا يغفر إلا لهم ، ولا يدخل الجنة سواهم ، أما النار فقد خلقها لغير الاخوان ، الإخوان هم شعب الله المختار » ، ثم يصف الخرباوي إخوان اليوم فيقول : « آلاف الإخوان الذين سيقوا إلى الجماعة منذ منتصف التسعينيات يختلفون عن الذين يعرفهم القرضاوي ، حتى أولئك الذين يرفضون أفكار القطبيين أمسوا يمالئونهم ويصانعونهم ، وما صانعوهم إلا ليبحثوا لأنفسهم عن مكان على خريطة الإخوان .. القطبية كانت هى الطريق الثاني الذي سار فيه الإخوان بعد طريق حسن البنا » ، ثم تساءل بعد ذلك الأستاذ الخرباوي متخوفا على أصحاب الطريق الثالث « القابع في أغوار الإخوان » وهو تنظيم « جيش الإخوان » ! - ومما أثار المخاوف حول « جيش الإخوان » أنهم في مكتب الإرشاد قد أعدوا لذلك باحياء « قسم الوحدات » ، وهو أخطر أقسام الجماعة لأنه المسئول عن الجانب العسكري في نشاط الجماعة ، وكان فيه كوادر من ضباط الجيش الذي اخترقوا صفوفه سرا .. أمثال الرائد محمود لبيب ، وصلاح شادي ، وأبو المكارم عبد الحي ، وابراهيم شرف ، وكان المرشد السابق مصطفى مشهور من أكثر قادة الإخوان إصرارا على إنشاء هذا الجيش ودعمه ، قائلا في وجه معارضيه : هل تتصورون دولة بلا أمن وبلا جيش ؟ ! نحن أكبر من دولة ، نحن أمة الإسلام ، ويجب أن يكون لهذه الأمة أمن وجيش ، ويوم أن يعود « قسم الوحدات » سيكون شعاره « أعدوا » وكانت تقديرات مصطفى مشهور أن الإخوان سيصلون الى الحكم في عام 2018 وأن لديهم خطة سيصلون الى الحكم من خلالها ، واشار مرة في حديث له إلى كلمة « أعدوا » التي بين السيفين في شعار الجماعة قائلا : « نحن نعمل بها من سنوات طويلة » ! - ولكن ماذا عن هذه الخطة ؟ هى خطة التمكين التي وضع خيرت الشاطر لمساتها الأخيرة في عام 2005 تحت اسم « فتح مصر » ، وتقوم على السيطرة على الجيش والاعلام والقضاء ، بعد السيطرة على النقابات المهنية والعمالية والنوادي واتحادات الطلبة ، وأن سيطرة الإخوان على هذه الركائز الثلاث هى ضمان وصولهم للحكم ميسرا ، لذلك تم مع إنشاء قسم الوحدات إنشاء قسم القضاة ، وهو الأمر الذي توقع معه مصطفى مشهور في عام 1999 أنهم سيدخلون في صدام مع النظام الحاكم في غضون عشر سنوات بعد أن قطع الإخوان أشواطا في طريق تنفيذ خطة التمكين .
جذور التكفير - حقيقة الأمر أن نوازع تكفير المجتمعات الإسلامية كانت عند حسن البنا ، ظهر ذلك واضحا في البند الخامس ، والعشرين من رسالة التعاليم ، وهو يوجه تعليماته للإخوان وما يجب أن يفعلوه في حياتهم قائلا : « أن تقاطع المحاكم الأهلية وكل قضاء غير اسلامي ، والأندية والصحف والجماعات والمدارس والهيئات التي تناهض فكرتك الاسلامية مقاطعة تامة » ، ويضيف البنا في التعليمة رقم 38 « أن تتخلى عن صلتك بأية هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة فكرتك وخاصة إذا أمرت بذلك » ، إذن فكر التكفير كان مختبئا في ضمير البنا لم تظهر منه إلا بعض فلتات ، لذلك وجد التنظيم السري الخاص في الاغتيالات وأعمال التخريب التي قام بها في عهده وبعد ذلك تبريرات شرعية عند الاخوان وحتى اليوم . ويزداد الأمر تفاقما عندما يخبرنا الشيخ محمد الغزالي أنه استمع الى أحد خطباء الجمعة من الجماعة وهو يؤكد : « أن الولاء لمرشد الاخوان حسن الهضيبي يكفر السيئات ، وأن الخروج على الجماعة يمحق الفضائل ، وأن الذين نابذوا المرشد عادوا للجاهلية الأولى لأنهم خلعوا البيعة » ، وكانت الجماعة فصلت الشيخ الغزالي منها عندما رفض تعيين الهضيبي مرشدا للجماعة متهما إياه بأنه « عميل الماسونية » ! فتسلم خطابا يقول فيه الإخواني مرسل الخطاب « هل تظن نفسك مسلما بعدما خرجت من صفوف الجماعة ؟ » . - أما الكاتب الإخواني سعيد حوي فإنه يؤكد في كتابه « المدخل إلى دعوة الإخوان المسلمين » أن جماعة الإخوان هى فقط هى « جماعة المسلمين » دون غيرها من المسلمين ، وذلك طبقا للنصوص التي وضعها حسن البنا ، وإذا انتقلنا الى محمد قطب فسنجده يدور في كتابه « جاهلية القرن العشرين » حول تكفير المجتمعات الإسلامية مسترشدا بكتاب سيد قطب « في ظلال القرآن » الذي يقول فيه مفسرا آية من آيات القرآن : « وهنا يرشدنا الله الى اعتزال معابد الجاهلية التي هى المساجد التي نعبد الله فيها ، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي » . ويضيف سيد قطب : « لانجاة للعصبة المسلمة في كل أرض من أن تنفصل عقديا وشعوريا ومنهج حياة عن أهل الجاهلية من قومها حتى يأذن الله بقيام دار اسلام تعتصم بها » ، ويعلق الخرباوي على ذلك قائلا : « لقد أصبحت أفكار التكفير غالبة على الجماعة ، لقد صارت جماعة الإخوان « مدينة التكفير » في عالم مضطرم بالصراعات الفكرية والعقائدية والسياسية ».. ثم يتساءل : كيف أصبحت أمواج التكفير عند الإخوان بهذه القوة الهادرة وهذا العنفوان المتكبر ؟ التكفير والحاكمية في الخطاب القطبي - تدور الرؤية العامة لسيد قطب للاسلام حول اعتبار الصراع البشري عقائديا في الأساس ، وأن الحالة المثلى للمجتمع الاسلامي المنشود في نظره ستستدعي بالضرورة أن يكون في صراعات مستمرة مع باقي المجتمعات بما في ذلك التي تدعي انها مسلمة ، لذلك حدد قطب مفاهيمه عن سبعة عناصر أساسية هي : الجاهلية وتعني التكفير ، الحاكمية ، الجماعة ، المنهج ، الثقافة ، الأمة ، والمجتمع ، وسنناقش في هذه المقالة العنصرين الأولين ، والباقي في مقالات قادمة انشاء الله . - أولا : جاهلية المجتمعات الإسلامية ، فالجاهلية تمثل في نظره الانحراف عن نهج الاسلام سواء في الماضي أو الحاضر ، فيقول : « نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الاسلام أو أظلم ، كل ما حولنا جاهلية .. تصورات الناس وعقائدهم ، عاداتهم وتقاليدهم ، موارد ثقافتهم ، فنونهم وآدابهم ، شرائعهم وقوانينهم ، وحتى الكثير مما نحسبه ثقافة اسلامية .. هو ما صنع هذه الجاهلية » ثم يمضي معتبرا المجتمعات الاسلامية القائمة حاليا تدخل في إطار هذه الجاهلية ، فيقول : « يدخل في اطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها « مسلمة » .. لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده ولأنها تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله ، بحاكمية فتدين غير الله ، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها وشرائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها » . ولكن يبرر سيد قطب لقيام « الجماعة المؤمنة » - التي هى جماعة الإخوان في مفهومه - التي ستقود البعث الاسلامي الجديد ، ركز على اعتبار الجاهلية صيغة حركته في الأساس ، وليست مجرد نظرية ، بل متمثلة في تجمع حركي خاضع لقيادة هذا المجتمع الجاهلي ، ولمواجهته ينبغي قيام تنظيم حركي مسلم مضاد خاضع لقيم الاسلام ، يتحرك تحت قيادة إسلامية مستقلة عن المجتمع الجاهلي وقياداته ، وأن يحصر ولاءه للقيادة الاسلامية فقط ، ويكون تحركهم باتجاه تفويض المجتمع الجاهلي ، والدفاع عن المجتمع الاسلامي الجديد . - في كتابه « في ظلال القرآن » تقرأ لسيد قطب « الجاهلية ليست اسما لمرحلة تاريخية سابقة على الاسلام ، بل إنها تنطبق انطباقا حرفيا على كل وضع بصرف النظر عن اعتبارات الزمان والمكان ، إذا كان الوضع مشابها لتلك المرحلة التاريخية السابقة على الاسلام » . - ثم يمضي في كتابه « في ظلال القرآن » ليبرر اتهامه المجتمعات الاسلامية « بالشرك » ، فيقول « إن الشرك بالله يتحقق بمجرد إعطاء حق التشريع لغير الله من عباده ، ولو لم يصحبه شرك في الاعتقاد بألوهيته ، ولو قدمت الشعائر التعبدية له وحده » ، ولا يكتفي قطب بذلك بل يتهم المجتمعات الإسلامية اليوم بترك الاسلام وهجرته ، فيقول : « إن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلام الحقيقية تتمثل في أقوام من الناس من سلالات المسلمين في أوطان كانت في يوم الأيام دارا للاسلام يسيطر عليها دين الله و « تحكم بشريعته » ثم إذا هى تتنكر لمقومات الإسلام اعتقادا وواقعا وإن ظنت أنها تدين بالاسلام اعتقادا » ، ثم يمضي في إلحاحه نافيا عن المسلمين اليوم إسلامهم ، فيقول في نفس الكتاب « وفي الأرض اليوم أقوام من الناس أسماؤهم أسماء المسلمين وهم من سلالات المسلمين ، وفيها أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للاسلام ، ولكن لا الأقوام تشهد أن لا إله الا الله بذلك المدلول ، ولا الأوطان تدين لله بمقتضى هذا المدلول ، وأيما فرد لم يشهد ان لا إله إلا الله بهذا المدلول « أي المدلول الذي يعتقده سيد قطب » فإنه لم يشهد ولم يدخل الاسلام بعد ، كائنا من كان اسمه ولقبه ونسبه ، وأيما أرض لم تتحقق فيها شهادة أن لا إله إلا الله بهذا المدلول فهى أرض لم تدن بدين الله ولم تدخل في الإسلام بعد » . - وينفي سيد قطب عن الأمة الاسلامية اليوم إسلامها فيقول : « إن الأمة الاسلامية قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض جميعا » ثم يضيف : « ووجود الأمة الاسلامية يعتبر قد انقطع منذ قرون ، فالأمة الإسلامية ليست « أرضا » كان يعيش فيها الاسلام ، وليست قوما كان أجدادهم في عصر من عصور التاريخ يعيشون بالنظام الاسلامي ، إنما الأمة الاسلامية جماعة من البشر تنبثق حياتهم وتصوراتهم وأوضاعهم وأنظمتهم وقيمهم وموازينهم كلها من المنهج الاسلامي ، وهذه الأمة بهذه المواصفات قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض » . - ويرجع سيد قطب وصمه للمجتمعات القائمة اليوم في الأرض بالجاهلية لأنها تقنن لنفسها من القوانين والتشريعات التي تتلاءم وظروف العصر ومتطلبات الحياة ، ويحقق لها الأمن والأمان ويصون مصالحها ويحقق أهدافها ، ويعتبر سيد قطب ذلك اعتداء على سلطان الله في الأرض ، فيقول : « إن العالم اليوم يعيش في جاهلية من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها » وهذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض ، وعلى أخص خصائص الألوهية وهى الحاكمية لأنها تسند الحاكمية للبشر لتجعل بعضهم لبعض أربابا » ، ثم يفصح سيد قطب صراحة عن مكنون مذهبه الذي يتهم فيه المسلمين اليوم بالكفر صراحة ، فيقول : « وإذا بدا للبشر يوما أن مصلحتهم في مخالفة شرع الله لهم فهم واهمون أولا ، وهم كافرون ثانيا » ! ثم يزيد أمر تكفيره للمسلمين ، فيقول « والمسألة في حقيقتها مسألة كفر وإيمان ، مسألة شرك وتوحيد ، مسألة جاهلية واسلام .. إن الناس ليسوا مسلمين كما يدعون وهم يحيون حياة الجاهلية .. ليس هذا إسلاما وليس هؤلاء مسلمين .. والدعوة اليوم إنما ترد هؤلاء الجاهلين إلى الاسلام لتجعل منهم مسلمين من جديد » ، وهنا يجب أن نتوقف لننتقل الى عام 2005 عندما وضع خيرت الشاطر خطته لتمكين جماعته من حكم مصر تحت عنوان « فتح مصر » ، أي ليعيد للمصريين إسلامهم جديد من ، ونتوقف أيضا أمام كلمات محمد مرسي في أول مؤتمر له يعقد بعد انتخابه في أول يوليو 2012، وقد اختار مكانه جامع عمرو بن العاص ، وكان اختيار هذا المكان مقصودا لذاته لأن عمرو بن العاص هو الذي فتح مصر ، لذلك اختار محمد مرسي مسجد فاتح مصر ليوجه من عنده رسالة للمصريين جميعا قال فيها : « إن عمرو بن العاص دخل مصر في وقفة العيد ، وها نحن سنعيد الفتح الإسلامي من جديد » ! وهو في ذلك يشبه مصر بإسبانيا « الأندلس » عندما خرج منها الإسلام بعد سقوط الدولة الإسلامية هناك في القرن السادس عشر بعد حكم اسلامي دام فيها ثمانية قرون ، وأن جماعة الإخوان اليوم في القرن الحادي والعشرين بقيادة نعيم والشاطر ومرسي هى التي ستعيد للمسلمين في مصر إسلامهم من جديد ، ألا يدل ذلك بوضوح لا لبس فيه على نظرتهم التكفيرية للمصريين اليوم ؟ ! - ثم ينتقل سيد قطب - بعد أن وصم المجتمعات الموجودة على ظهر الأرض اليوم بالجاهلية والكفر ، بما فيها المجتمعات الاسلامية الى تحديد مهمة جماعة « الإخوان المسلمين » في تقويض أنظمة الحكم فيها ليقيم على أنقاضها ما يطلق عليه المجتمع الإسلامي أو « الرباني » ، فنجده يقول في كتابه « معالم في الطريق » : « ومن ثم تواجه الحركة الاسلامية هذا الواقع كله بما يكافئه وتواجهه بالقدوة والبيان لتصحيح المعتقدات والتصورات ، وتواجه بالقوة والجهاد لإزالة الأنظمة والسلطات القائمة عليها » ، ثم يمضي في تحريضه على تقويض الأنظمة الحاكمة ، فيقول : « لابد لنا من التخلص من ضغط المجتمع الجاهلي والتصرفات الجاهلية والتقاليد الجاهلية والقيادة الجاهلية ، ومهمتنا الأولى هى تغيير هذا الواقع الجاهلي من أساسه .. أن القانون الوضعي لا يستحق السيادة والسمو » . - ويعتبر سيد قطب أن الانقلاب على الأنظمة الحاكمة وإزالتها بالقوة هو عين الجهاد في سبيل الله ، فيقول : « والذي يدرك طبيعة هذا الدين يدرك معها حتمية الانطلاق الحركي الاسلامي في صورة الجهاد بالسيف الى جانب الجهاد بالبيان » ، ولكن متى يتعين على الجهاد أن يبدأ ؟ يجيب قطب عن هذا السؤال قائلا : « وحين يبلغ المؤمنون بهذه العقيدة ثلاثة نفر فإن هذه العقيدة ذاتها تقول لهم : أنتم الآن مجتمع ، مجتمع اسلامي مستقل منفصل عن المجتمع الجاهلي » ثم « والثلاثة يصبحون عشرة ، والعشرة يصبحون مائة ، والمائة يصبحون ألفا » ، وقد سبق لسيد قطب أن أكد فكرة أن « العقيدة » تقوم بذاتها الى الحركة الواقعية ومن ثم للجهاد بالسيف » . وهذا ما يؤكد حقيقة مهمة أثبتتها العمليات الإرهابية للإخوان أن « الإرهاب يبدأ فكرا » . وعندما برز السؤال المهم : كيف يمكن لهذه الجماعة المحدودة العدد أن تواجه العالم بأسره ؟ وهو سؤال تردد بقوة عندما تصور أسامة بن لادن - زعيم تنظيم القاعدة الارهابي - أنه قادر على هذه المواجهة بهذه المجموعة التي تحيط به ، فأجاب سيد قطب في كتابه « المعالم » قائلا : « المؤمنون أجراء عند الله أينما وحيثما وكيفما أرادهم أن يعملوا عملوا ، وقبضوا الأجر المعلوم ، وليس لهم ولا عليهم أن تتجه الدعوة إلى أي مصير ، فذلك شأن صاحب الأمر لا شأن الأجير » ، وهو ما يؤكد مبدأ السمع والطاعة الذي زرعه حسن البنا في أتباعه ، وتنفيذ كل ما تمليه قيادة الجماعة عليهم من أوامر دون مناقشة ، حتى وإن كان أمرا بالانتحار ، وكل ما عليهم هو الثبات مؤكدا « الثبات هو بدء الطريق الى النصر ، وأثبت الفريقين أغلبهما » . ثانيا : الحاكمية يمثل شعار « الحاكمية لله » حجر الزاوية في الخطاب القطبي ، حيث يعتبر قطب أنه بمقتضى « لا إله إلا الله .. فإنه لا حاكمية إلا لله ، ولا شريعة إلا من الله ، ولا سلطان لأحد ، لأن السلطان كله لله » ، ثم يزعم أن الحاكمية لله لا تقوم اليوم والمجتمعات الاسلامية لأن الحكام لا يطبقون القوانين المأخوذة من الشريعة الاسلامية ، وبناء على ذلك أسس حكمه بتجهيل وتكفير هذه المجتمعات الإسلامية ، وبناء عليه دعا أتباعه الى الانضمام للتنظيم الحركي السابق الإشارة إليه للاستيلاء على الحكم تحت شعار إعادة « الحاكمية لله » في المجتمع ، وسيد قطب في هذا الزعم قد تأثر بصيحة الخوارج الأولى عشية تأسيس الدولة الأموية « لا حاكمية إلا لله » والتي خلطوا فيها بين « حكم الله » بمعنى الاحكام الإلهية السارية في الوجود كله والتي يرجع فيها الأمر إلى المولى عز وجل ، وبين « الحكومة » والحكم الدنيوي ، فجعل قطب وجماعته الدولة والامارة والسياسة ، دينا خالصا ، ومن ثم رفضوا أن يكون للبشر دخل في السياسة والحكومة ، وفي كتابه « السلام العالمي والاسلام » ص 170 نجده يقفز إلى مطالبة جماعته بالجهاد من أجل تحقيق الحاكمية فيقول « ضرورة الجهاد لحماية الآمنين ونشر الدعوة والقضاء على أي ظلم في الأرض حتى تسود الحاكمية وتتحقق ربوبية الله في الأرض » ، وهذا تطاول وسوء أدب على المولى عز وجل ، فهل الله تعالى في حاجة الى جماعة الاخوان - حاشا لله - لكي تتحقق ربوبيته في الأرض ؟ ! إن حكم الله ، في الوجود وربوبيته قائمة من الأبد وإلى الأزل ، وليست في حاجة لمن يحققها أو يعيدها وهذا من بديهيات إيمان أي مسلم . - ثم يزعم قطب أن الحاكمية لا تتحقق إذا خرجت القوانين المطبقة عن الشريعة الاسلامية ، ومن ثم يدعو الى ضرورة الثورة الشاملة والتمرد الكامل على كل حكم للبشر بدعوى جعل « الحاكمية لله » فيقول في ص 67 من كتابه « معالم في الطريق » « إن اعلان ربوبية الله وحده معناه الثورة الشاملة على حاكمية البشر في كل صورها وأشكالها ، وأنظمتها وأوضاعها والتمرد الكامل على كل وضع في أرجاء الأرض يكون فيها الحكم للبشر بصورة من الصور » ، كذلك تأثر سيد قطب في مفهوم الحاكمية بأفكار الكاتب الباكستاني أبو الأعلى المودودي ، وإن كان قطب أهمل ما ذكره المودودي عن وجود « حاكمية بشرية مقيدة » فيما لا نص فيه ، وفي كتابه « العدالة الاجتماعية في الاسلام » يقول قطب : « ليس لمخلوق على مخلوق سلطان ، فهذا السلطان لله وحده وليس بين الانسان والله توسط ، ولذلك فإن السلطة للأمة لا للحاكم ، لا يبتكر من عنده القوانين ، فهى مفروضة من الله .. وما علي الحكومة إلا تطبيقها والمحكومين تنفيذها » . ونجد قطب ينعي على الاجيال التالية للمسلمين الأوائل عدم تطبيقهم هذه القاعدة بعد انتقال الرسول بثلاثين عاما : فيقول : « بدأ الانحراف عن سنة الاسلام الرفيعة بسبب سرعة إسلام شعوب المنطقة التي أدت الى عدم جدية اسلامهم إذ أنهم لم يتحرروا من بقايا عقائدهم السابقة » ، ولا يخفى قطب في كتابه « معالم في الطريق » حقيقة ما يهدف اليه من دعوته كلها وهو الاستيلاء على الحكم ، فيدعو صراحة الى عدم الالتفات والاهتمام بوضع خطط وبرامج الاصلاح ووسائله ، وإنما الجهد يجب أن يركز على إسقاط الأنظمة القائمة واستيلاء الجماعة على السلطة ، وفي ذلك يقول : « وألف كتاب عن الاسلام وألف خطبة في مسجد أو قاعة أو ميدان ، وألف فيلم في الدعاية للاسلام ، وألفى بعثة من الأزهر أو غير الأزهر في كل مكان ، كل أولئك لا يغني عناء مجتمع صغير يقوم في ركن من أركان الأرض يعيش بمنهج الاسلام .. وتتمثل فيه خصائص هذا المنهج وصورة الحياة في الاسلام » أليس ذلك تماما فكرة الامارة التي أقامتها طالبان في أفغانستان ودعمها تنظيم « القاعدة » الارهابي ، ثم يزيد قطب الأمر إيضاحا فيقول « كل فقه تراد تنميته وتطويره في وضع لا يعترف ابتداء بحاكمية الاسلام هو عملية استنبات للبذور
وهو عبث لا يليق بجدية الاسلام » ، ثم ينتقد من يطالب الإخوان بالكشف عن منهجهم وبرامجهم للحكم فيقول : « إن الجاهلية التي حولنا كما أنها تضغط على أعصاب بعض المخلصين من أصحاب الدعوة الاسلامية فتجعلهم يتعجلون خطوات المنهج الإسلامي ، هى كذلك تتعمد أن تحرجهم فتسألهم .. ؟ أين تفصيلات نظامكم الذي تدعون إليه » ثم يجيب قطب علي سؤاله : « إن منهج أصحاب الدعوة الإسلامية أن تتبلور النظرية من خلال الحركة وتتجدد ملامح النظام من خلال الممارسة » . أليست هذه هي نفس إجابة الرئيس المعزول محمد مرسي وعشيرته عندما سئل عن تفاصيل خطة « النهضة » التي زعم أن مئات من المتخصصين في كافة المجالات قد وضعوها للنهوض بمصر ، ثم انكشف حقيقة الأمر بأنها خطة وهمية لا وجود لها ، وهو ما اعترف به خيرت الشاطر نفسه عندما نفي وجودها ، زاعما أن مثل هذه الخطة تتبلور من خلال الممارسة ، وهو ما يؤكد أن الأمر لا يخرج من وجهة نظر قطب وأتباعه حتي اليوم عن المطالبة بالحكم بأي ثمن وتحت أي مبرر بعيدا عن أي منهج جاء للإصلاح ، بل عندما دخل الإخوان مجلس الشعب في عام 2005 وكان السؤال الملح المطروح عليهم هو عن برنامجهم للتعامل مع قضايا المجتمع ومشكلاته ردوا بتلك العبارة الفضفاضة « الإسلام هو الحل » تهربا من أي رد موضوعي علي هذا السؤال . أما عن اختيار سيد قطب لكلمة « الحاكمية » كمبرر لهدم المجتمعات القائمة واستيلاء جماعته ، فلذلك قصة طريفة يكشف عنها عادل حمودة في كتابه « سيد قطب من القرية إلي المشنقة » ص 144 فيقول عن فترة وجود قطب في السجن « في تلك الأيام كان سيد قطب مهموما بالبحث عن الوصف الذي يريحه لنظام عبدالناصر ، وفي رواية تحيط بها هالات مقدسة وتمنحها دعم السماء ، يقول البعض إن زميل وحليف سيد قطب في عنبر العلاج محمد حواش أنقذه من الحيرة ، وألهمه الوصف المناسب لنظام حكم عبدالناصر ، قال له حواش إن سيدنا يوسف عليه السلام جاءه في المنام وطلب منه أن يبلغ قطب أنه سوف يجد ما يبحث عنه في سورة يوسف وتحديدا في الآيات 35 - 41 والتي تروي حديث سيدنا يوسف مع فتيين كانا معه في السجن « ما تعبدون من دون الله إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ، إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون » فالتقط منها سيد قطب جملة « إن الحكم إلا لله » واعتبر ذلك هو الشعار الملهم واشتق منه لفظ « الحاكمية لله » . التناقض في دعوات سيد قطب حفلت كتب سيد قطب بالتناقضات في أفكاره ، ففي الوقت الذي حفلت كتبه بتحريم أن يشرع المسلمون لأنفسهم قوانين وضعية تتفق وروح العصر وتتواءم مع مصالحهم وأهدافهم ، بل ويعتبر ذلك « جاهلية » و « كفرا » نجده في كتابه « نحو مجتمع إسلامي » يقول : « إن الصور التاريخية للمجتمع الإسلامي ليست الصور النهائية لهذا المجتمع ، بل هناك صور متجددة أبدا ، فكيف إذن لفكرة ثابتة أن تواجه حاجات وأصولا مجددة ؟ وكيف يمكن لهذه الحاجات والأحوال أن تتحرك وتنمو في ظل حركة فكرة ثابتة ؟ ثم يقول : « إن تشريعات الفقه كانت تلبية لحاجات زمنها ، وأي نقل منها من زمن لفرضها علي زمن آخر ليس من شرع الله ولا من عمل سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فهي لا تحصل إلا للاسترشاد والاستشهاد بها في الحالات المشابهة التي تشهدها الأجيال المتجددة ، ولكنه لا يبلغ حد الإلزام المطلق » . ثم يواصل كلامه مبيحا لكل جيل أن يضع نظمه الاجتماعية التي تلبي حاجات زمانه ، فيقول : « أما فيما يتعلق بالمجتمع وأطواره فإن الصورة التاريخية للمجتمع الإسلامي لا تجدد ولا تستوعب كل الصور الممكنة للمجتمع الإسلامي ، ولكل جيل أن يبدع نظمه الاجتماعية في حدود المبادئ الإسلامية وأن يلبي حاجات زمانه باجتهادات فقهية قائمة علي الأصول الكلية للشريعة الإسلامية ، بل ويزيد الأمر تأكيدا في ضرورة أنيقنن الناس لأنفسهم ما يرونه من فقه ، فيقول : « الفقه من صنع البشر استمدوه من فهمهم وتفسيرهم للشريعة ، فالشريعة ثابتة والفقه متغير » ثم يقول : « ويمكن التجاوز عن الفقه » . بل وينتقد عدم تجديد الفقه الإسلامي ، فيواصل قائلا : « لقد استمر نمو الفقه الإسلامي وتطوره الي نحو القرن الثاني بعد انتقال الرسول صلي الله عليه وسلم الي الرفيق الأعلي ، وكان في نموه وتطوره متابعا لنمو المجتمع الإسلامي وتطوره ، وملبيا لحاجاته المتجددة بسبب بروز تلك الحاجات ثم ركد الفقه تبعا لركود المجتمع الإسلامي حتي إذا قفزت الحياة قفزاتها الواسعة في القرون الثلاثة الأخيرة وتجدد المجتمع الإسلامي لم يكن الفقه الإسلامي علي استعداد لمسايرة الحياة المتوثبة ، وبذلك وجدت فجوة تاريخية في تسلسل هذا الفقه ومسايرته للحياة الجديدة وحاجاتها التي تضاعفت أضعافا كثيرة » . ورغم أن سيد قطب نجده في كلامه السابق يؤكد الحاجة الي فقه جديد يتماشي مع المعطيات الجديدة أو بالدقة الي فقه يتجدد دوما ، بل وينعي علي الحضارة الغربية خلوها من النزعة الإنسانية وامتنانها بالتقدم التكنولوجي ، نجده لا يلبث أن يتراجع عن كل ذلك معتبرا أن التجديد في الفقه الذي سبق أن طالب به أصبح يعني « العودة أربعة عشر قرنا الي الخلف » ، وينقد الحضارة الغربية وجعلها هي وكل الدول الإسلامية التي تتعامل معطيات هذه الحضارة ديار حرب وجاهلية وكفر ، وهكذا نري سيد قطب ومنذ البدايات كان يسير بالقارئ في طريق ثم لا يلبث أن ينحني به عكس ما يتوصل إليه القارئ من معان ، بل نجده أيضا في كتاب « السلام العالمي والإسلام » ص 36 يحض المسلمين علي التعامل بسلام ليس فقط مع حكوماتهم بل وبالطوائف والدول الأخري ، فيقول : « الإسلام يبدأ بمحاولة السلام أولا في ضمير الفرد ، ثم في محيط الأسرة ، ثم في وسط الجماعة ، وأخيرا يحاول في الميدان الدولي بين الأمم والشعوب ، إنه ينشد السلام في علاقة الطائفة بالطوائف ، وفي علاقة الأفراد بالحكومات ثم ينشده في علاقة الدولة بالدول الأخري ، وإنه ليسير في تحقيق هذه الغاية الأخيرة في طريق طويل يعبر فيه من سلام الضمير الي سلام البيت ، الي سلام المجتمع الي سلام العالم في نهاية المطاف ! أين هذا الكلام من دعواته في كتاب المعالم عن هجرة المجتمع والحكومة واعتزالهما وعدم العمل كخلايا حية في هذه المجتمعات ونبذها وعدم ولائها ؟ ! ومن مظاهر التناقض أيضا في الخطاب القطبي أنه يقول في كتابه « الإسلام ومشكلات الحضارة » : « ليس الذي ينقص البشرية لقيام مجتمع إسلامي هو وجود فقه إسلامي منظور « نلاحظ أنه قال من قبل بضرورة وجود هذا الفقه المتطور » إنما الذي ينقصها ابتداء هو اتخاذ الإسلام نهجا وشريعته شريعة ، إن الفقه الإسلامي لكي يتطور ينبغي أن يجد التربة التي يتطور فيها وهي مجتمع إسلامي يعيش في العصر الحاضر » ! الرد علي افتراءات وأباطيل سيد قطب وفي مواجهة الدعوات الباطلة التي أطلقها سيد قطب حول تكفير وتجهيل المجتمعات الإسلامية وصارت مع مرور السنين عقيدة ثابتة تنعكس في عقائد وسلوكيات جماعة الإخوان ، علينا أن نرجع الي كتاب الله والسنة الشريفة لنرد بهما علي هذه الافتراءات والأكاذيب وما حوته من تضليل ودعوة الي فتنة تقضي علي الأخضر واليابس في المجتمعات الإسلامية ، وهو ما يحقق أهداف أعداء الإسلام في الداخل والخارج . أ - إن تكفير المسلمين بدعوي خروج الحاكم عن الالتزام بالشريعة الإسلامية هو سلوك يتعارض تعارضا كاملا مع قوله تعالى « ولا تزر وازرة وزر أخرى » ( الأنعام 164 ) ، فإيمان أو كفر أي إنسان هو أمر شخصي يرتبط به وحده ويتعلق فقط بما يستقر في قلبه من معتقد في أركان الإيمان ، وليس له علاقة بإيمان أو كفر الحاكم أو غيره من الناس ، وأن تردي أي إنسان في الكفر - بما في ذلك الحاكم - لا ينقص من إيمان غيره ، ولا يضار المؤمن مطلقا في إيمانه بضلال أي إنسان آخر ، مصداقا لقوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم » ( المائدة 105 ) . ب - كما أن هذا المنهج الذي يدعو له سيد قطب بتكفير المسلمين يتعارض مع أحاديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم القائل فيها : « إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما » . لذلك يحذرنا الولى عز وجل ورسوله من أن يرمي المسلم غيره بالكفر لأن الإيمان أو الكفر محله القلب ، وما في قلوب العباد لا يعلمه إلا خالق العباد « يعلم خائنة الأعين ما تخفى الصدور » ، لذلك فإن لنا ظاهر الإنسان ، فإن أعلن وأظهر الإسلام قلنا إنه مسلم ، وأن أعلن وأظهر كفره قلنا إنه كافر ، أما تكفير المسلم - أو مجتمع إسلامي كله - رغم نطق الشهادة وإقامة فروض الإسلام الخمسة ، فذلك مما لا يرضي عنه الله ورسوله ، بل ويعد من الكبائر . ومن ذلك كله نستنبط أن الحكم علي إيمان الناس أو كفرهم مرجعه إلي الله تعالى ، ومن ثم فإن كل من يزعم أن له حق الحكم علي كفر أو إيمان الناس فهو في حكم الشرك بالله تعالى ، لأنه يشارك المولى عز وجل فيما اختص به نفسه سبحانه وتعالى ، كما يدل علي ذلك قوله تعالى : « أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله » ( الشورى 21 ) . ج - وفي مواجهة شعار الحاكمية لله التي يزعم سيد قطب أن هذه الحاكمية لا تتحقق ولا تقوم إلا إذا كان الحاكم يطبق قوانين الشريعة الإسلامية ، ثم يؤسس علي ذلك حكمه بتكفير مجتمعنا المصري ، فإننا نود بداية التأكيد علي أن لفظ الحاكمية لم يرد بأي آية في القرآن ولا في أي حديث للرسول صلي الله عليه وسلم ، وغالبية الإخوان ينطقون بهذا المصطلح الذي زرعه قطب في عقولهم وهم لا يعرفون حقيقة مراد واضعيه إلا عبارات مبهمة سمعها هنا أو هناك ، لذلك فهم يعتقدون بمصطلح يرتكزون عليه في ممارساتهم الهدامة من كلام بشر غير معصوم وارد عليه الخطأ والوهم . د - ونلاحظ أن سيد قطب يقتطع من الآيات القرآنية ما يخدم أهدافه الهدامة ، مثل قوله تعالي « إن الحكم إلا لله » في أنها تعني الحكم الدنيوى الذي يمارسه الحاكم ، فإذا رجعنا إلى قراءة هذه الآيات بشكل كامل فسنجد أنها تتحدث عن أحكام أخرى غير الحكم الدنيوى الذي يقصده سيد قطب . فإن في قوله تعالى : « ذلكم بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلى الكبير » ( غافر 12 ) حيث تبين هذه الآية أن الحساب وما ينزل بالكافرين من النقمة والعذاب إنما بيد المولى عز وجل الذى يحكم بين عباده ويفصل بينهم ، ومن ثم فليس للفظ ( الحكم ) هنا أية علاقة بالحكم الدنيوى ، وإنما هو ( الحكم الإلهي ) للمولى عز وجل بين عباده .. وفي قوله تعالى في سورة الأنعام « قل إني علي بينة من ربى وكذبتم به ما عندى ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقضى الحق وهو خير الفاصلين » حيث تبين لنا هذه الآيات أن الرسول قد رد الحكم فيما يستعجل به المكذبون إلى الله تعالى لأن هذا الحكم مرده إليه سبحانه ، وليس له من علاقة بالحكم الدنيوى . وفي قوله تعالى أيضا من سورة الأنعام « ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون . ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين » . وفي هذه الآية الكريمة ورد قوله تعالى ( ألا له الحكم ) ليصف الحكم الإلهى السارى في الوجود والذي لا تملك نفس أن ترده أو تنفك عنه ، وهو أيضا ما لا علاقة له بالحكم الدنيوى ، ومن البديهى أن الناس سواء طبقوا الشريعة أو لم يلتزموا بها فإن ذلك ليس له علاقة بالآيات التي تتحدث عن الحكم الإلهى السارى في الوجود ويتاجر بها أصحاب شعار الحاكمية لله ، ذلك لأن الله غني عن العالمين مؤمنهم وكافرهم . ه - وفي مواجهة دعوة سيد قطب لتخريب المجتمعات الإسلامية للاستيلاء علي السلطة بزعم إقامة الحكم الربانى ، فهي دعوة إلي الفتنة وليس فيها أي صالح للإسلام ، لأن الدعوة إلي الإسلام لا يمكن أن تقوم علي أساس الاستيلاء على الحكم ، وإنما التأسى برسل الله واتباع منهجهم في الهداية إلى الله ، الذي أمرهم به المولى عز وجل والقائم علي أساس قوله تعالى : « أدعو إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة » . وذلك بعيدا عن أي صورة من صور الإكراه ، على حكم قوله تعالى « لا إكراه في الدين » . هذا فضلا عن أن الدعوة إلي الاستيلاء علي الحكم لابد أن تنتهي حتما إلي صراعات تبدأ فكرية وسياسية وتنتهي مسلحة ودموية ، حيث تتصارع الجماعات والأحزاب والطوائف ، كل يريد أن يأخذ الحكم لنفسه بدعوى تطبيق شرع الله ، كما هو الحال اليوم في مصر قبل وبعد ثورة 30 يونية 2013 بعد أن طرد الشعب المصري الإخوان من الحكم ، فأشاعوا القتل والتخريب والفوضى في جنبات المجتمع المصرى حتي يعودوا مرة أخرى للحكم . و - أما ما يروج له سيد قطب من تقسيم البلاد إلى دار حرب ودار إسلام ، حيث يستبيح سيد قطب حرمات المسلمين من أرواح ودماء وثروات وأعراض بدعوى أنها دار حرب ، فإن ذلك تقسيم باطل ليس له أي دليل من كتاب الله وسنة رسوله ، بل يخالف ما جاء في القرآن الكريم من أن ثواب أو عقاب أهل القرى إنما يكون نسبة إلي سلوك أهلها وعقيدتهم من إيمان أو كفر « ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناس » ، كما يتعارض مع الحديث الشريف « كل المسلم علي المسلم حرام . دمه وماله وعرضه » ، وأيضا حديث حضرته « من خرج علينا بالسلاح فليس منا » . ز - كما أن دعوة سيد قطب للقتل وسفك الدماء تحت شعار الجهاد في سبيل الله ، بعد أن دمغ المجتمع المصرى بالكفر والشرك مستندا إلي قوله تعالى « وقاتلوا المشركين كافة » فإنه قطع متعمدا سياق الآية متجاهلا باقى الآية « كما يقاتلونكم كافة » كما تتعارض دعوته مع قول المولى عز وجل : « وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا . إن الله لا يحب المعتدين » ، ومتجاهلا أيضا حقيقة وجوهر الجهاد ، وهو جهاد النفس الذي وصفه رسول الله صلي الله عليه وسلم في حديثه الشريف : « عدنا من الجهاد الأصغر إلي الجهاد الأكبر ، قالوا وما الجهاد الأكبر يا رسول الله ؟ قال : جهاد النفس » . ح - أما زعم سيد قطب بأن الحكام والناس قد اعتدوا علي سلطان الله ، وسلبوه - حاشا لله ونستغفره - أخص خصائص الألوهية ، فإن ذلك تطاول وسوء أدب علي المولى عز وجل ، لأن من بديهيات الإيمان أن نؤمن بالقدرة المطلقة للمولى عز وجل في الوجود ، « له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وهو علي كل شيء قدير » . فمن ذا الذي يستطيع أن يسلب سلطان الله في الوجود أو يعتدي علي أخص خصائص الألوهية كما يزعم « قطب » ؟ إن حكم المولى عز وجل للوجود قائم ومستمر ومرتبط بالإرادة الألوهية الصرفة والقدرة الإلهية المطلقة ولا علاقة له بإرادة الناس ولا بقدرتهم علي إيمانهم أو كفرهم « والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب » . أما التكاليف الإلهية لعباده من عبادات ومعاملات ، فإن المولى عز وجل يترك للناس حرية الالتزام بها ، فيفعلونها بإرادتهم الحرة ليفوزوا برضوان الله ، أو يخالفوها بإرادتهم الحرة فيبوءوا بغضبه مصداقا لقوله تعالى : « فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر » والمحاسب هو الله تعالي وهو سريع الحساب في الدنيا قبل الآخرة .
خلاصة القول : - تثبت السنون والأيام منذ ظهور سيد قطب علي مسرح الأحداث في مصر في أربعينيات القرن الماضى ، أن كل ما شهده العالم الإسلامي وليس مصر فقط من أعمال عنف وفوضى وإرهاب كانت نتيجة البذرة الشريرة التي زرعها هذا الرجل في عقول الإخوان وحلفائهم حول تكفير المجتمعات الإسلامية ورميها بالجاهلين واستحلال حرماتها من أجل وصول جماعته إلي السلطة والحكم ، وما الدين إلا الغطاء الذي يتدثر به هؤلاء الإرهابيون لإخفاء حقيقة هويتهم الفاشية التي ظهرت جلية بكل ما مارسوه من قتل وتخريب وتدمير وسحل وتعذيب وترويع الآمنين عبر عام من الحكم الظلامى لهذه الجماعة وما تلاه حتي اليوم بعد أن أزاحها الشعب المصرى عن صدره ولفظها في 30 يونية الماضى . وأكبر دليل علي ذلك أن من يفتش في دماغ محمد مرسى يكشف ارتباطه الوثيق بسيد قطب ، وأنه تلميذ متيم باستاذ لم يره ولم يعرفه إلا عبر أفكار ملغمة تركها لأجيال من الإخوان لتصبح مانفيستو حركى لأعمالهم الهدامة ومبررا شرعيا لإنتاجهم العنف والفوضى . - ورغم ما ثبت من فاشية سيد قطب وماسونيته ومن قبله حسن البنا ، نري جماعته يخلعون على البنا لقب ( الإمام الشهيد ) وعلي قطب لقب ( الشهيد ) ، في حين أن تاريخ حسن البنا وممارساته يثبتان أنه ليس بإمام ولا بشهيد ، بل هو نهاز فرص حيث استغل سقوط الخلافة العثمانية في تركيا ، فنادى بعودة دولة الخلافة ليجعل من نفسه خليفة للمسلمين ، كما لم يثبت له أي اجتهاد في الدين يمكن أن يجعل منه إماما ، بل إن كل ما جاء في رسائله وخطبه يعكس رؤية سياسية ونظام حكم ثيوقراطى ( دينى ) وتشكيل مجتمع عصابى ، وهو ما ليس من الدين في شىء ، فأين الاجتهاد في الدين الذي يؤهله إلي مستوي الإمامة ؟ كما أننا ننفى عنه أيضا لقب الشهيد لأنه قتل في صراع علي السلطة مع الملك فاروق ، ولم يقتل في سبيل الله . نفس الأمر مع سيد قطب ، فهو ليس أيضا بشهيد لأنه قتل في صراع علي السلطة مع عبدالناصر . - ولكن بفضل الله تعالى وحماية رسوله صلي الله عليه وسلم لهذا البلد ، نجد أن كل مخططات وأعمال الإخوان وتنظيمهم الدولى حتي اليوم وغدا باءت وستبوء - إن شاء الله - بالفشل والخيبة .. فقد فشلوا في حكم مصر ، وفشلوا في محاولات أخونة الدولة ، وفشلوا في محاولات اعتصامهم في رابعة والنهضة وغيرها ، وفشلوا في أن تحقق مظاهراتهم أيا من أهدافها ، وفشلوا في الإيقاع بين الجيش والشرطة والشعب ، بل علي العكس أدت ممارسات الإخوان إلي تلاحم هذه القوي الثلاث في وجه الإخوان بشكل لم يسبق له مثيل . لذلك فشل تنظيمهم الدولى في إثارة الدول الغربية ضد مصر .. فها هي أمريكا وبريطانيا وألمانيا يتراجعون عن قراراتهم السابقة بوقف التعاون العسكري والاقتصادى مع النظام الجديد في مصر ، خاصة بعد أن أعادت مصر التوازن في علاقاتها الدولية بالانفتاح علي روسيا والصين . ومن فضل الله أيضا علينا ما اتسمت به جماعة الإخوان من غباء سياسي جعلها تنفصل عن الواقع .. وتعيش في عالم افتراضى خاص بها ، ولا تستوعب دروس وعبر اللطمات والضربات التي توجه لها ، مما أدى إلي زيادة انعزالها وكراهية وبغض المصريين لها ، واعتبارهم أن الإخوان ورم سرطاني ينبغي استئصاله نهائيا من الجسد المصرى ، وهو ما سيتحقق بإذن الله قريبا حتي تنجو مصر من شرورهم وآثامهم ، والله من ورائهم محيط .
| |
|
Eid Al Said Admin
التوقيت :
عدد المساهمات : 706 النشاط : 1733 الجنس : التقيم : 0 تاريخ التسجيل : 09/08/2013
| موضوع: ما لا يعرفه الإخوان عن كاهنهم الأكبر(5) الإثنين ديسمبر 09, 2013 3:35 am | |
| الانقياد الأعمى بـ "السمع والطاعة" و"الاستعلاء والاستكبار" حوَّلت الإخوان إلى قطيع من الدواب
من يتمعّن قليلا في كلام محمد مرسي وعدم اعترافه بالمحكمة التي تحاكمه على جرائمه في حق الشعب المصري خلال سنة حكمه السوداء، وأيضا البيان الذي بعث به مع فريق المحامين الإخوان، وأعلنوه في مؤتمر صحفي، يكتشف أمرًا خطيرًا له مدلوله في سلوك جماعة الإخوان، يتمثّل في انقيادهم الأعمى دون إعمال عقل لكل ما يصدر لهم من أوامر وتعليمات من قياداتهم في مكتب الإرشاد، أو في التنظيم الدولي، أيا كان منصب الإخواني، حتى وإن كان رئيس الجمهورية المعزول محمد مرسي، فهو مجبول منذ التحق بالجماعة على الانصياع التام لإلههم المرشد، وزمرته في مكتب الإرشاد، وذلك بموجب قانون "السمع والطاعة" الذي يقسم الإخواني عليه عند التحاقه بالجماعة، وتنفيذ كل ما يكلّف به دون مناقشة، حتى وإن كان هذا التكليف يؤدي به إلى التهلكة، بنفس أسلوب قسم الماسونيين على السمع والطاعة، والخروج عليه يعني التصفية الجسدية. فمما لا شك فيه أن الجرائم التي يحاكم عليها مرسي، وتتعلق بإصداره أوامر صريحة بقتل متظاهرين، والتخابر مع دول ومنظمات أجنبية، يصل فيها الحكم إلى الإعدام، وهو أمر يتعلق بحياة ومصير شخص محمد مرسي، وبالتالي يفرض عليه أن يكرس كل جهوده وإمكاناته لتشكيل فريق دفاع قوي يدافع عنه في مواجهة هذه التهم الخطيرة، وذلك حرصا على حياته، إلا أن الغريب في الأمر أن "مرسي"، ورغم أن ذلك من أخصّ خصوصياته الشخصية المتعلّقة بحياته، أبى إلا أن يستجيب لأوامر رؤسائه في مكتب الإرشاد والتنظيم الدولي، برفض توكيل محامين عنه، ورفض المحكمة والدخول في مواجهة مع رئيسها، بل واستجاب أيضا لأوامرهم فيما يتعلق بالبيان الذي بعث به مع سليم العوا، وأُلقي في مؤتمر صحفي، وثبت أن هذا البيان أيضا ليس من صنع مرسي، بل أُرسل إليه من التنظيم الدولي للإخوان عن طريق ابنه عند زيارته له، وأُلقي في مؤتمر صحفي، وإذا كان مرسي - بموجب قانون السمع والطاعة - لا يأبه حتى بمصيره، مُلقيًا بنفسه إلى التهلكة، فهذا شأنه، وهو أمر لا يعنينا، وإن كانت دلالته خطيرة، حيث تدل على أن من كان رئيسا لمصر لمدة عام من منتصف عام 2012 حتى منتصف عام 2013، إنما هو شخص فاقد الإرادة والقدرة على اتخاذ القرار، ويتحرك وينطق طبقا لما يمليه عليه مكتب الإرشاد، بل كان في حقيقته "دُمية" وألعوبة يحركها مكتب الإرشاد الذي عيَّنه رئيسًا لمصر طبقا لمصلحة الجماعة، وأن كل ما صدر عنه من قرارات خلال هذا العام، كان لصالح هذه الجماعة وبعيدا تماما عن مصالح مصر وأهدافها القومية. وهنا يبرز السؤال المهم: هل مثل هذا الشخص -محمد مرسي- المُنصاع تماما لمكتب الإرشاد، حتى فيما يخص حياته ومصيره، والفاقد تماما لإرادته وقراره، يمكن أن يصلح رئيسا لمصر، وتصدر عنه قرارات في صالحها عندما تتعارض مع مصالح الجماعة وأهدافها؟! ولأن الإجابة طبعا لا، فإن من رحمة المولى عز وجل أن خلَّصنا ونجَّانا من هذا الرجل التائه ومن جماعته الفاشية المُنقادة -كقطيع الدواب الذي لا يسمع ولا يعقل- لأوامر مكتب الإرشاد، تعيث في الأرض فسادًا وخرابًا وإجرامًا أينما حلّت، ويبرز لنا أيضا -كما يفسّر لنا- خطورة ما يقوم به قطيع الدواب هنا -المسمّى بجماعة الإخوان- من أعمال قتل وتخريب وتدمير وإثارة شائعات، صادرة بشأنها تعليمات من قيادات الإخوان في الداخل والخارج، وذلك بموجب قانون "السمع والطاعة".
** قاعدة السمع والطاعة: لقد عبث كل من حسن البنا وسيد قطب بعقول الإخوان، وحوَّلاهم إلى مُسوخ مُشوَّهة بعد أن أوهماهم -وقادة الجماعة من بعدهما- بأن المرشد يتحدث بالحق الإلهي، وأنه يد الله الباطشة في الأرض، والتي تبطش بأعداء الجماعة، وأظهروا لله -حاشا لله- ما لم يكن أبدا له، ونشروا دينًا ومذهبًا لم يأت به أي من الرسل والأنبياء، فأبعدوا المسلم عن كل ما يهديه ويوصله حقا إلى الله، ولقّنوا أتباعهم أن على الإخواني أن يسمع ويطيع كل ما يصدر إليه من قادته، ولا يحقّ له أن يسأل أو يناقش وأن يكون بين أيدي مرشده أشبه بـ "الميت بين يدي مغسِّله"، دون إعمال العقل في كل ما يصدره له من أوامر وتعليمات حتى وإن كان فيها هلاكه. وبعد أن رسّخ البنا، ومن بعده سيد قطب، ثمّ مرشدو الجماعة، قاعدة السمع والطاعة، صاروا يشحنون عقول وقلوب أتباعهم بكل ما هو باطل من عقائد وأفكار ومفاهيم خاطئة وباطلة وأبعد ما تكون عن الإسلام، بل ولا تمّت إليه بصلة، ربما أخطرها أن الإخواني يعيش في مجتمع جاهلي يضمّ كفرة، وأن أعضاء الإخوان وحدهم هم المسلمون حقا، وأنهم وحدهم أيضا أصحاب رسالة في تفويض هذا المجتمع الجاهلي، وإقامة المجتمع الإسلامي على أنقاضه، وهو ما لن يتحقق إلا بوصول الإخوان إلى الحكم، وهو ما ينبغي أن تسعى له الجماعة بكل الطرق والأساليب، حتى وإن كانت دموية وفاشية ولا أخلاقية، وذلك على أساس قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"، والضرورة عند الإخوان - التي لا ضرورة أخرى تسبقها - هي وصولهم إلى السلطة والحكم، وأن استخدام القوة هو وسيلة الإخوان الوحيدة لنشر الدعوة، وهذا ما حذّر منه الكاتب عباس العقاد في مقال له بجريدة "الأساس" في 2 يناير 1949 عندما قال: "سيستخدم الإخوان القوة لفرض رأيهم"، هذا فضلا عن شحن العقول أيضا بكل الأكاذيب والأباطيل والأوهام التي بها يتم تلميع صورة المرشد ورفعه إلى مرتبة الأنبياء والرسل، بل وإلى عبادته من دون الله، حتى إن المؤرخ الإخواني محمود عبد الحليم، قال في كتابه "الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ" ص54: "لم أُقدِّر النبوة حق قدرها إلا لما رأيت هذا الرجل - يقصد حسن البنا - وجلست إليه ولازمته وعاشرته"، ولا ندري كيف يمكن لمسلم أن يصل في تمجيده لقائد سياسي أو حتى ديني إلى مستوى يضاهي النبوة!، ثم يواصل عبد الحليم امتداح البنا بمبالغات شديدة فيقول: "كان حسن البنا هو الداعية الذي أهّله الله تعالى بكل هذه المؤهلات"، أما المؤرخ الإخواني الآخر أحمد عادل كمال - وكان أحد قادة الجهاز السري للجماعة - فقد قال في كتابه "النقاط فوق الحروف" ص66: "كان الإمام حسن البنا في أحاديثه يرتفع إلى سماوات علا من الروحانية، وكان يقدم من نفسه نموذجا ساميا ومثلا عاليا للرجل الرباني، فتكون إزاء إمام قلّ نظيره بين أئمة الهدى النادرين، بل ووليّ من أولياء الله". ولكي يزيد حسن البنا من نفوذه وهيمنته على نفوس أتباعه، ليحقق فيهم ما يريده من سمع وطاعة عمياء لكل ما يصدر عنه من أوامر وتعليمات، لجأ إلى نسج هالات من القداسة والغموض والخوارق والمعجزات حول نفسه، وبالغ أتباعه فيها، ونشرها في صفوف الجماعة وخارجها، فقالوا عنه إن "حلول المشكلات تأتيه عفو الخاطر بإلهام سماوي"، كما أن باستطاعته رؤية وقراءة المستقبل، وأن العناية الإلهية غير المرئية تحيط به دوما، تنجيه وتنقذه وترعاه"!!، بل لقد وصل الأمر بأخيه عبد الرحمن البنا، إلى تشبيه حسن البنا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك في قوله بمجلة "الإخوان المسلمون" العدد الممتاز عام 1948: "كان حسن البنا يحقق سيرة رسول الله في نفسه"، ثمّ يصل به الأمر إلى ألاّ يقبل من الأزهريين ولا من الصوفيين أو غيرهم مشاركة له ولجماعته في كونها "جماعة المسلمين"، أي أنها صاحبة الحق في تمثيل مصالح مجموع المسلمين، الذين كان هو وأتباعه، حريصين على شن هجمات قتالية ضد رجال الأزهر والصوفيين. ولقد حرص البنا، ومن بعده سيد قطب وباقي مرشدي الجامعة، على أن تتسمّ علاقة عضو الجماعة بالمرشد بالمبالغة الشديدة في الاعتقاد فيه والولاء والتقديس له بما يملك عليه نفسه، فيجعله مُطيعا طاعة عمياء، مُتصوّرًا أنه كلما ازداد طاعة وخضوعا للمرشد وحاشيته في مكتب الإرشاد ازداد إيمانًا، وازداد قربًا من طاعة الله، وبالتدرّج يشعر عضو الجماعة، وكأنه يستمدّ وجوده المادي وحياته من الجماعة ومرشدها، حتى يتخلى العضو عن صلته بأيّة هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة الدعوة، حتى يصل الأمر بسيد قطب إلى أن يدعو الإخوان إلى مقاطعة المجتمع المصري، الذي وصمه بالجاهلية، بل ومحاربته قائلًا في ص157 من "معالم في الطريق": "يحاربها المسلم ولو كان فيها مولده وفيها قرابته من النسب وصهره وفيها أمواله ومنافعه"، وللرد على هذه الأباطيل والترهات لمقاطعة القرابة والنسب والصهر، والتي يروجها سيد قطب بين أتباعه، نورد قوله تعالى: "وإن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا" (لقمان: 15). حيث يأمر المولى عز وجل الأبناء بمصاحبة والديهم بالمعروف، حتى وإن كانوا كافرين ويدعون أبناءهم للشرك. ويروي حسن البنا في مذكرات "الدعوة والداعية"، كيف أن أحد الشيوخ نصحه بأن يُعمِّق عبق السلفية في جماعته بأن يشبه إخوانه وأصحابه ومنشآته بأسماء من تاريخ النبوة: "قل لهذا أنك تشبه أبا بكر، ولهذا أنك تشبه عمر، فإن هذا يبعث فيهم الحمية، وسَمِّ منشآتك: معهد حراء للبنين، ومدرسة أمهات المؤمنين للبنات، ونادي الخندق.."، واستمرت هذا الدجل باسم الدين يسري في الجماعة حتى إن البنا أطلق على جماعته "رهبان الليل وفرسان النهار"، ثم نجده يتخلّى عنهم بعد أن اغتالوا النقراشي باشا بأوامره، وتمّ الزج بهم في السجون، فينكرهم قائلًا: "ما هم بإخوان ولا مسلمين"، حتى الإسلام ينفيه عن أتباعه!!. ** محمد مرسي في إطار السمع والطاعة: ليس هناك من يدل على حقيقة رسوخ قاعدة السمع والطاعة في نفوس وعقول الإخوان، إلا من عايشهم مثل الدكتور ثروت الخرباوي، وكان لفترة من الزمن واحدًا منهم، حتى أنقذه الله من براثنهم، بعد أن كشف له حقيقتهم، فيحدثنا د. الخرباوي عن رصده ومشاهدته لسلوك محمد مرسي - من كان رئيسا لمصر لمدة عام أسود - ومدى ترسخ قاعدة السمع والطاعة في نفسه، فنجده يقول في مقاله بصحيفة "الوطن" في 10 نوفمبر 2013: "أعجب ما رأيت عبر حياتي هو إعجاب البعض بمرسي، المهم لك أن تعرف أن محمد مرسي رجل شديد السطحية، يفتقد لأي قدر من الثقافة العامة، مفرداته اللغوية سوقية، يشعر بالدونية تجاه قياداته، فهو في ضميره أقل منهم قدرًا وقيمة، وفي ذات الوقت يشعر بالفوقية والاستعلاء على من هم خارج جماعته، وقد ظهر من خلال ما رأيناه منه أنه يعتبر بالنسبة إلى باقي إخوانه من أعضاء مكتب الإرشاد، من سقط المتاع، ومن نكد الدنيا علينا أن كل مكتب الإرشاد - بالنسبة إلى الشعب المصري - هم من سقط المتاع، فهذا الرجل سقط من سقط من سقط، ولكن لأنه كان مجهولا من المصريين، فقد ظن البعض أنه على شيء، ثم بعد أن جرّبناه اتضح لنا جميعا أنه لا شيء". ثم يصف الخرباوي سلوك محمد مرسي في تبعيته لمكتب الإرشاد - ولم يكن من أعضائه - فيقول: "لم يكن محمد مرسي أكثر من دودة شرهة في تفاحة الإخوان الفاسدة، مرسي في الحقيقة لم يك شيئًا، وكان الكل ينظر إليه باعتباره شخصية تنفيذية تصلح لأعمال السكرتارية، محدود الأفق والذكاء، طبيعته مُنفرِّه، عشوائي، سوقي في عباراته، فظ، إلا أنه ظل عمره كله في التنظيم وهو يعيش بمبدأ "أنا عبد المأمور"، فحيثما كان مصطفى مشهور - المرشد - يضعه يوضع، وحيثما يحرّكه خيرت الشاطر يتحرك، كل اهتمامه في نهاية كل شهر أن يتقاضى المكافأة الشهرية المقرّرة له من الإخوان، مثله مثل أعضاء مكتب الإرشاد، وكم جاهد من أجل أن يعطيه الإخوان سيارة، وحصل عليها بالفعل بعد أن أراق ماء وجهه للشاطر". ويوضح الخرباوي أن اختيار مكتب الإرشاد لمحمد مرسي مرشحا للرئاسة، كان بسبب طاعته العمياء لرؤسائه في مكتب الإرشاد، فيقول: "ولمزاياه في الطاعة رشّحه الإخوان للرئاسة، فهو لا رأي له، بل الرأي لسادته، وللأسف فإن من عصروا الليمون كانوا يظنون أن مرسي من الممكن أن يكون رئيسا لمصر كلها، ولكنهم كانوا لا يعرفون مرسي ولا يفهمون الإخوان، فمرسي لا يستطيع ذلك، فهو كغيره من الإخوان لديه مسؤول، ومسؤوله هو الذي يقوده ويوجهه، وهو المتصرف في كل أحواله حتى في أموره الشخصية، أما عن الإخوان فهم يتعبّدون لله بالتنظيم "السري"، فهو عندهم الإسلام، لذلك فإن مرسي لم يكن يستطيع الانفصال عن الجماعة أبدا، إلا إذا كان يستطيع الانفصال عن الإسلام". وفي ضوء سلوك محمد مرسي الذي اتسم بالسمع والطاعة والتبعية لمكتب الإرشاد، لم يكن غريبا حتى بعد أن صار رئيسا للجمهورية أن يجتمع يوميا في منزله بقيادات من مكتب الإرشاد ليلا، فيما بين الساعة الثانية عشرة وحتى صلاة الفجر، ليملوا عليه ما سيقوله ويفعله في اليوم التالي، وهو ما كانت ترصده أطقم الحراسة التي كانت مكلّفة بحراسته، ويؤكد أن محمد مرسي لم يكن يملك إرادته ولا قراره فيما يتعلق بشؤون مصر، بل كان ذلك يُفرض عليه من مكتب إرشاد الجماعة، وما على محمد مرسي إلا أن يقوله ويفعله، لذلك لم يكن غريبا أيضا طوال فترة احتجاز محمد مرسي قبل المحاكمة، أن يكرر طلبه بلقاء خيرت الشاطر أو المرشد أو حتى محمد البلتاجي أو عصام العريان، وحتى داخل قفص الاتهام في أثناء الجلسة الأولى لمحاكمة مرسي، كان العريان يملي على مرسي في أذنه ما يقوله للمحكمة ووسائل الإعلام، ويذكره برفع يديه مشيرا بإشارة رابعة!!، إلى هذا الحد كان مرسي خاضعا لقاعدة السمع والطاعة التي زرعها البنا وقطب في نفوس أتباعهما، وألغيا عقولهم وحرماهم من نعمة التعقل والتدبر والتفكير. ** تعمد تجهيل الإخوان بأمور دينهم حتى لا يسألوا ولا يناقشوا: حقيقة الأمر أن الإسلام الذي دعا إليه كل من حسن البنا وسيد قطب، إسلام لا يستند إلى دراسة ومعرفة أمور الدين، وتفهم التعاليم والأوامر والنواهي وحكمتها، ولا حتى إلى حفظ القرآن وإدراك مقصد الهداية في آياته، عملا بقوله تعالى: "إنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ" (الإسراء: 9)، وإنما إلى مجرد قشور تكون مبررًا للطاعة العمياء في "المنشط والمكره"، وهو جوهر القسم الذي يقسم عليه الإخواني لقبوله في الجماعة، وعندما كان كثير من أصدقاء البنا يحثّونه على تأليف كتب في التفسير وغيرها من علوم الدين، كان يرفض بدعوى "أن المكتبة الإسلامية متخمة بالمؤلفات في جميع العلوم والفنون، ومع هذا فإنها لم تفد المسلمين شيئا حين قعدت هممهم وثبطت عزائمهم وركنوا إلى الدعة والخمول"، ثم أضاف البنا موضحا حقيقة هدفه وسياسته لتحقيق هذا الهدف قائلًا: "والوقت الذي أضيّعه في تأليف كتاب أستغله في تأليف مئة شاب مسلم يصير كل منهم كتابًا حيًّا ناطقًا عاملًا مؤثرًا، أرمي به بلدًا من البلاد فيؤلّفها كما أُلِّف هو". وعند تحليل هذه العبارات نجدها تكشف أن البنا كان يقيم حزبًا سياسيًّا، "يرمي" به البلاد، وما الإسلام إلا قشرة جاذبة، يؤكد هذا المفهوم محمود عبد الحليم في كتابه "الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ" ص345، فيقول: "الإسلام شقان: أحدهما للمعلومات، والآخر للتنفيذ والتطبيق، ولم يشغل الشق الأول بكل ما فيه من صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا جزءًا من ألف جزء شغلها الشق الأخير"، ثم يمضي قائلًا: "فالإسلام ممارسة وعلم وصبر وجهاد قبل أن يكون معلومات يُتعمّق في دراستها ويُتبحر في الخوض فيها"، هنا يتبين لنا نوع "الأخ المسلم" الذي أراده حسن البنا، إنه ببساطة يريد إنسانا لديه أقل قدر من المعلومات عن الدين، ثم ممارسة عملية، ولأن الممارسة لا بدّ لها أن تستند إلى مرجعية، فالمرجعية هنا تصير "السمع والطاعة للمرشد في المنشط والمكره"، ولكي تكون الطاعة ممكنة فإنها تُغطي بقشرة إسلامية، أو ما يسمونها "المعلومات الأساسية القليلة من أحكام الدين"، ثم يكفيه بعد ذلك أن يتحرك، أو بالدقة تحريكه لصالح الجماعة بدعوى أنه يتحرك للدين، ومن هنا كان بالإمكان إقناع شباب الإخوان أمس واليوم وغدا - وعلى مدار تاريخها - بأن الإرهاب هو من الدين، والقتل هو من الدين، وأن الغضب على أعداء الجماعة هو غضب للدين، إذن فالجهل بالدين كان عند البنا وقطب ومن بعدهما - جميع مرشدي وأقطاب الجماعة - مقصودًا لذاته، فما كان بالإمكان أن يقبل شاب عارف بأحكام الشرع وتعاليم الإسلام، أن يكون مجرد أداة في يد المرشد وقيادة الجماعة، يتمّ تحريكها لأهداف ومصالح حزبية وشخصية ضيقة، بل ما كان بالإمكان لشاب يعرف أصول دينه أن يتحول إلى أداة قتل وتخريب وتدمير وانتهاك لكل حرمات المسلمين بعد تكفيرهم، في حين أن أول مبادئ الإسلام تنهى عن كل ذلك، من هنا كان حرص مرشدي الإخوان عبر تاريخهم على عدم توعية كوادر الجماعة بحقيقة دينهم، لأنهم لو أدركوها لسألوا وناقشوا قادتهم في مكتب الإرشاد وغيره من مكاتب الجماعة حول ما يأمرونهم بارتكابه من جرائم، ولرفضوا تنفيذ تلك الأوامر، لأنها ليست من الدين في شيء، ولما سمعوا ولو أطاعوا لهم أمرًا، لذلك حرص قادة الجماعة على إبقاء كوادرها على جهل تام بالدين، إلا ما ورد في رسائل البنا وكتب سيد قطب من أفكار هدامة حول تكفير المجتمعات الإسلامية ورميها بالجهالة، وضرورة قيام الجماعة بتفويض تلك المجتمعات والاستيلاء على السلطة بدعوى إقامة دولة الخلافة الإسلامية، ولقد نجحوا فعلا في تلويث عقول شباب الإخوان وحوّلوهم من أدوات بناء وتعمير إلى أدوات هدم وتخريب، وصاروا قطعانًا من الدواب لا تعي ولا تعقل ما يُصدر لها من أوامر وتعليمات، وتسأل أنفسها: هل هذا من الدين أم ضد الدين؟! وفي مواجهة افتراءات الإخوان فيما يتعلق بتكريس قاعدة "السمع والطاعة" دون تعقل أو تدبر، نقول إن إغلاق نافذة العقل كان أكبر نكبة ابتلي بها الإسلام في تاريخه، حيث ينكر عليهم القرآن ذلك إنكارًا تاما، ويصفهم الله تعالى بأنهم: "لا يعقلون شيئا ولا يهتدون"، بل إن القرآن ينكر على المسلم أن يتبع ما يُملى عليه من غيره -كبيرًا كان أم صغيرًا- دون تعقل أو تدبر، مصداقا لقوله تعالى: "وإذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا ولا يَهْتَدُونَ" (البقرة: 170)، بل يوضح القرآن أن السمع دون تدبّر وتمعّن سيهوي بالإنسان إلى مهاوي الدواب والأنعام، التي تشير إليها آية قوله تعالى: "إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ البُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ" (الأنفال: 22)، فالمقصود بالدواب التي توصف بصفة البشر، هو ذلك الإنسان المنحرف عن صفات البشرية فيما تهوي فيه نفسه من محرمات كالتي يرتكبها الإخوان من قتل وسفك دماء وتعذيب وسحل لمسلمين آخرين، فضلا عن سرقة أموال وتخريب منشآت من أجل السلطة والحكم باسم الدين، وما هو من الدين في شيء، بل يُحرِّمه ويُجرِّمه الدين، ومن ثم فإن الإخواني الذي يسلّم نفسه لقادته، وينفذ أوامرهم دون تدبر أو تعقل، فإنه يتدنّى إلى أدنى مراتب المخلوقات، بل يمكن وصفه حقا بالمخلوق الدابة الذي لا يعي ولا يعقل، لأنه يمشي كما يصفه القرآن "مكبًّا عَلَى وَجْهِهِ"، بل ويصل إلى مرتبة الوحوش فيما يرتكبه من جرائم على النحو الذي ارتكبه الإخوان في رابعة والنهضة وكرداسة وغيرها، على كل الساحة المصرية، وهو ما يعنيه قوله تعالى: "وإذَا الوُحُوشُ حُشِرَتْ" (التكوير: 5)، فالآية لا تتحدث عن أسد ونمر وضبع، ولكن عن أناس تدنت صفاتهم فوصلت بدمويتها إلى مرتبة الوحوش، فمن البديهي أن الأسد والنمر والضبع مخلوقات غير مكلفة، وبالتالي فليس عليها من حساب، وليست محلاًّ لخطاب الله تعالى لها، ولكن الآية تتحدّث عن نفوس آدمية توحشّت فوصلت إلى مرتبة الوحوش.
عدل سابقا من قبل Admin في الإثنين ديسمبر 09, 2013 2:28 pm عدل 1 مرات | |
|
Eid Al Said Admin
التوقيت :
عدد المساهمات : 706 النشاط : 1733 الجنس : التقيم : 0 تاريخ التسجيل : 09/08/2013
| موضوع: ما لا يعرفه الإخوان عن كاهنهم الأكبر (6) الإثنين ديسمبر 09, 2013 2:20 pm | |
| سيد قطب زرع في نفوس الإخوان مرض الاستعلاء والاستكبار
يعتبر الاستعلاء والاستكبار من أخطر الأمراض النفسية التى زرعها سيد قطب فى نفوس الإخوان، واستشرت فيهم، بل هى الآفة الكبرى التى أصابتهم، ويطلق عليها علماء النفس (الشيفونية)، والشوفينى هو الذى يرى جماعته وقوميته وعشيرته وحزبه وتنظيمه، يتمثل فيهم النقاء المطلق والحق الذى لا شك فيه ولأنهم يرون ذلك نجدهم يتعصبون لجماعتهم تعصباً مقيتاً غبياً لا عقل فيه، حيث تسود الكراهية نظرتهم وتعاملهم مع من هم ليسوا من جماعتهم، يرون أنفسهم وحدهم على حق ومن دونهم على باطل، وهذه الحالة النفسية المريضة هى التى تتحكم فى كلام وسلوكيات الإخوان من أصغر إخوانى حتى المرشد ومحمد مرسى والشاطر وغيرهم، لذلك نجدهم يتباهون بكثرتهم، وذم واستصغار واستحقار كل من ليس منهم وكأنهم ليسوا مسلمين وأنصاف مواطنين. وفى ذلك يقول سيد قطب فى كتابه «معالم فى الطريق» ص146: «ليست مهمتنا أن نصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلى ولا أن ندين له بالولاء فهو بهذه الصفة الجاهلية غير قابل لأن نصطلح معه، إن أولى الخطوات فى طريقنا هى أن نستعلى على هذا المجتمع الجاهلى وقيمه وتصوراته، وألا نعول من قيمنا وتصوراتنا قليلاً أو كثيراً لنلتقى معه فى منتصف الطريق، كلاً، إننا وإياه على مفترق الطريق، وحين نسايره خطوة واحدة فإننا نفقد المنهج كله، ونفقد الطريق، ومن هنا يتبين لنا السبب فى رفضهم التصالح مع المجتمع المصرى، والاعتذار له بعد كل ما ارتكبوه من جرائم فى حقه. كما رسّخ سيد قطب لدى الإخوان فكرة «الاستعلاء بالإيمان»، فالمؤمن فى نظره هو الأقوى سيداً بإيمانه مهما استقوى الجاهليون بالجاه والسلطان وبالتفاف الجماهير الغفيرة حولهم، ولهذا يمضى قطب فيقول فى كتابه «معالم فى الطريق» ص146 «إن الإسلام لا يقبل أنصاف الحلول مع الجاهلية، لا من ناحية التصور ولا من ناحية الأوضاع المنبثقة من هذا التصور، فإما إسلاماً وإما جاهلية»، ثم يمضى محدداً وظيفة الإسلام قائلاً: «ووظيفة الإسلام إذن هى إقصاء الجاهلين من قيادة البشرية وتولى هذه القيادة على منهجه الخاص المستقل الملامح، الأصيل الخصائص»، ونلاحظ هنا أن سيد قطب قد انتقل فى استعلائه من جاهلية المجتمع المصرى إلى جاهلية كل المجتمعات القائمة على الأرض، ومن ضرورة التغيير فى مصر إلى تولى «قيادة البشرية»، ثم يستعدى سيد قطب إخوانه إلى مواجهة شاملة لإخفاء فيها مع المجتمعات التى كفّرها، فيقول: «لن نتدسّس إليهم بالإسلام تدسُّساً، ولن نربت على شهواتهم وتصوراتهم المنحرفة سنكون صرحاء معهم غاية الصراحة، هذه الجاهلية التى أنتم فيها نجس، والله يريد أن يطهركم، هذه الأوضاع التى أنتم فيها خبث والله يريد أن يُطيّبكم، هذه الحياة التى تحيونها دون، والله يريد أن يرفعكم، هذا الذى أنتم فيه شقوة وبؤس ونكد، والله يريد أن يُخفف عنكم ويرحمكم ويسعدكم»، وهنا نلاحظ أن سيد قطب يتجاسر ويتحدث صراحة باسم السماء، بل هو يؤكد أنه إنما يتحرك باسم الإرادة الإلهية ليطهر الناس ويرحمهم ويسعدهم، ثم يصل قطب إلى مبتغاه فى النهاية بتكفير البشر فيقول: «وإذا بدا البشر يوماً أن مصلحتهم فى مخالفة ما شرع الله لهم فهم واهمون أولاً، وهم كافرون ثانياً». ورغم الصراحة الواضحة فى كلام قطب عن تكفير جميع المجتمعات البشرية بما فيها المجتمعات الإسلامية، فإننا نجد كبار قادة الإخوان ومرشديهم من بعد حسن البنا يحاولون على استحياء تخفيف حدته فى التكفير بعد أن نالت قدراً كبيراً من الرفض والاستهجان فى جميع البلدان الإسلامية، نجد أن مأمون الهضيبى ينفى عن قطب دعوته إلى التكفير فيقول فى حوار له مع الباحثة كريمان المغربى، إنه لا يشم من كتاب المعالم بأنه يكفر الناس، وأنه بسؤال سيد قطب رفض أن يقصد تكفير الناس»!! وكذلك المرشد عمر التلمسانى نجده ينفى تكفير قطب للمسلمين فيقول: «لا أعتقد أن كتاب (معالم فى الطريق) فيه جديد.. وما أراد الأستاذ سيد قطب أن يكفر مسلماً لأنه أعلم المسلمين بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى أكثر من حديث إن من قال: لا إله إلا الله مؤمنا بقلبه فلن يخلد فى النار، ونحن نعلم أنه لن يخلد فى النار إلا الكافرون الذين ينكرون وحدانية الواحد القهار، أما كثرة ترداده لكلمة «المجتمع الكافر» و«المجتمع الجاهلى» فلم يقصد بها تكفيراً ولكن تشديد النكير على الظلمة والطغاة».. ولكن نسى التلمسانى أنه تحدث فى الكتاب ذاته عن مجموعة من الشبان المسجونين فى ليمان طرة الذين أخذوا بفكرة التكفير.. بل وترسًّخت فى أذهانهم فكرة التكفير - مثل شكرى مصطفى زعيم جماعة التكفير والهجرة التى اغتالت وزير الأوقاف الشيخ حسن الدهبى عام 1977، كما نسى التلمسانى أيضاً عبارات واضحة وصريحة وردت فى المعالم مثل «ليس هذا إسلاما، وليسوا هؤلاء بمسلمين». ثم نجد قطب إخوانى آخر - ع. أبوعزة فى مقال له بمجلة الشهاب عدد 21 عام 1973- يبرئ سيد قطب فيقول «إن سيداً لم يكفر الناس لا أفرادهم ولا جمهورهم، وإنما قصد بحكم التفكير نظام الحكم». أما مؤرخ الجماعة أحمد عادل كمال فنجده يقول: «إن العبارات التى وردت بكتاب المعالم كلُّ فهمها بمفهوم خاص، وإن التفكير ظهر أول ما ظهر على يد شكرى مصطفى». هذا بينما يؤكد صالح أبورفيق - مرشد الجماعة بعد عمر التلمسانى - «إن سيد قطب قد كفّر المجتمع فعلاً، ولكن فكره مقصور عليه وعلى مجموعته». - وإذا عدنا إلى كتاب «دعاة لا قضاة» نجد المرشد الثانى الهضيبى تحاشى أن يذكر اسم سيد قطب أو أياً من كتبه وإنما ركزِّ نقده على أبو الأعلى المودودى - المفكر الباكستانى - فنجد الهضيبى يستند إلى آيات من القرآن والأحاديث الشريفة تنسف من الأساس فكر تكفير المسلمين عند سيد قطب، فيقول: «إن حكم الناطق بشهادتى أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله أن نعتبره مسلماً تجرى عليه أحكام المسلمين، وليس لنا أن نبحث فى مدى صدق شهادته». ثم يمضى الهضيبى مستنكراً فكرة تكفير المسلمين فيقول: «إن حكم الله تعالى أن يعتبر الشخص مسلماً فى ذات اللحظة التى ينطق فيها بالشهادتين، ولا يشترط أن تكون أعمال الشخص مُصدِّقة لشهادته حتى يحكم بإسلامه، وأنه حال نطقه بالشهادتين يلزمنا اعتباره مسلماً ويحرم علينا دمه وماله.. ومن تعدى ذلك إلى القول بفساد عقيدة الناس بما أخرجهم على الإسلام قلنا له: «إنك أنت الذى خرجت على حكم الله بحكمك هذا الذى حكمت به على عموم الناس» ثم يمضى الهضيبى فى كتابه، رافضاً فكرة التكفير حتى عن مرتكبى المعاصى والمجاهرة بها، فيقول: «ليست المعالنة بالمعاصى وشيوعها، وليست الظواهر العامة التى ركن إليها دعاة التكفير ممن تجيز لهم شريعة الله أن يصدروا حكماً على عموم الناس بخروجهم من الإسلام إلى الكفر، أو بعدم دخولهم فى الإسلام أصلاً رغم النطق بالشهادتين». - فإذا كان هذا هو رأى الهضيبى المرشد الثانى للجماعة، فما بالنا اليوم فى عام 2013 نرى جميع كوادر الإخوان دون استثناء وما تفرع عنها من جماعات - مثل أنصار بيت المقدس- ترتكب جرائم قتل وسحل وتعذيب مسلمين مصريين بعد أن كفّروهم على النحو الذى قاموا به بقتل ال 17 شهيداً فى رفح وهم يصلون ويفطرون بعد أن أتموا صيام يومهم فى رمضان، بل ويلقون بماء النار على وجوه ضباط الشرطة فى كرداسة بعد قتلهم بدم بارد، وهو الأمر الذى تكرر مع من قتلهم الإخوان فى رابعة والنهضة ودلجا.. ناهيك عن قيام طلبة الإخوان فى الجامعات بإلقاء تهمة الكفر فى وجوه الطلاب الذين تصدوا لأعمالهم التخريبية وشعاراتهم المناهضة للدولة والجيش والشرطة فى مصر. ومن أقوال حسن البنا التى رسَّخ بها أسلوب الاستعلاء والاستكبار فى أقوال وسلوكيات الإخوان مع غيرهم من الناس قوله عن منهج جماعته: «على كل مسلم أن يعتقد أن هذا المنهج كله من الإسلام، وأن كل نقص منه نقص من الفكرة الإسلامية الصحيحة». حيث يرى البنا أن برنامج جماعته كله من الإسلام، فإن رأى إنساناً، أو تجاسر أن يزعم، بأن ثمة خطأ فى هذا البرنامج فإنه يعنى أن الإسلام خطأ، وأن تجاسر بالقول بأن فيه نقصاً فإن ذلك يعنى نقص الفكرة الإسلامية الصحيحة». وهو ما طبقَّه قادة الإخوان بعد ذلك على مدار العقود، فها هو صالح العشماوى يقول: «إن أى اضطهاد للإخوان هو اضطهاد للدين ذاته». وعندما ألقت حكومة عبدالناصر عام 1954 القبض على عدد من قادة الإخوان لاشتراكهم فى محاولة اغتيال عبدالناصر آنذاك، وقف عضو مكتب الإرشاد -عبدالقادر عودة- صائحاً فى إحدى المظاهرات «الإسلام سجينى». والأمر هنا ليس مجرد حماس لفظى، ولكنه معتقد رسَّخه حسن البنا وسيد قطب ومرشدو الجماعة من بعد عن الخلط بين الدين المطلق الصح وبين اجتهاداتهم القابلة للصواب والخطأ. وإذ تعتبر الجماعة أن منهاجها وحدها هو الدين ذاته، فإن كل من يرى فيها عيباً يكون معادياً للإسلام ذاته، وكل من ينتقدهم يكون منتقداً للإسلام ذاته، ثم يكون ما يترتب على ذلك عن اتهامات بالجهالة والكفر وما يستتبع ذلك من استحلال أرواح ودماء وانتهاك حرمات الأفراد والدولة، لأن للقرآن عند الإخوان فهماً واحداً، ووجهاً واحداً، هو ما يقولون هم به، وعلى الجميع الخضوع لما يقولون وإلا تم إخضاعهم بالقوة. وكما هو معروف للإخوان تقاليد قديمة وحديثة فى إخضاع المخالفين والمنتقدين لهم، تبدأ باتهامات بالمروق والإلحاد والعلمانية، ثم بالجاهلية والكفر، وتنتهى باستخدام القوة. - وعندما أصدرت الجماعة مجلة «النذير» عام 1937 حرص عبدالرحمن الساعاتى، والد حسن البنا على كتابة افتتاحية مُشرَّبة بالاستكبار والاستعلاء، يحض فيها أعضاء الجماعة على الاستعداد لإشهار السلاح فى وجه كل من يعارضهم، قائلاً: «استعدوا يا جنود، وليأخذ كل منكم أهبته ويعد سلاحه، ولا يلتفت منكم أحد، وامضوا حيث تؤمرون.. ثم خُذوا هذه الأمة بالرفق.. فإذا الأمة أبت فأوثقوا يديها بالقيود واثقلوا ظهرها بالحديد، وجرعوها الدواء بالقوة، وإن وجدتم فى جسدها عضواً خبيثاً فاقطعوه، أو سرطاناً خطيراً فأزيلوه.. استعدوا يا جنود، فكثير من أبناء هذا الشعب فى آذانهم وقر وفى عيونهم عمى»!! فهل تحتاج هذه العبارة إلى تفسير؟! أى أن الإخوان وحدهم هم القادرون على وصف الدواء ويصنعونه ويجرعونه للأمة، فإن أبت فلا شىء سوى العنف. وهكذا نرى أن الخلط بين الدين والرأى الإنسانى فى أمور دنيوية هو أمر مخيف لأنه الخطوة الأولى فى طريق العنف والإرهاب الذى سارت فيه جماعة الإخوان، وما انشق عنها من جماعات أخرى، منذ نشأتها وحتى اليوم وفسر بسببه المسلمون هو أرجاء الأرض الكثير والكثير على كل الأصعدة. - وهذا بالضبط فى جوهر الاستعلاء بأفكارهم والاستكبار بممارساتهم، واعتبارهم المصدر الوحيد للصحة المطلقة، ذلك لأنهم يعتبرون أفكارهم هى وحدها -كانت وتكون وستكون- صحيح الإسلام، ولذلك فهى فى نظرهم دوماً صحيحة ولا يمكن مراجعتها، بل ويتعين استعادتها. - وأذا قرأنا فى وثيقة إخوانية أخرى كانت ضمن مضبوطات قضية سيارة الجيب، وهى مضبوطات تخص الجهار السرى الخاص للجماعة المكلفة بتخطيط وتنفيذ عمليات القتل والتخريب والتدمير، ولذلك يعتبر الجهاز الحاكم فى الجماعة والذى أفرز لها أكثر من مرشد عام (منهم مصطفى مشهور، ومهدى عاكف)، فسنجد الوثيقة تقول: «إن القتل الذى يعتبر جريمة فى الأحوال العادية، يفقد صفته هذه ويصبح فرضاً واجباً على الإنسان إذا استعمل كوسيلة لتأييد الدعوة، وإن من يناوئ الجماعة أو يحاول إخفات صوتها مهدر دمه وقاتله مثاب على فعله»، لذلك - وبسبب هذا التراث الفكرى المفعم بمظاهر الاستكبار والاستعلاء، لا يجب أن تصيبنا الدهشة أو الاستغراب عندما نجد المرشد السابق مهدى عاكف يصرح لمجلة المصور فى استكبار لا يعرفه الإسلام: «الإخوان لا يعتذرون»، «الإخوان معصومون» وما هذا بصحيح ولو بأقل قدر. ولأنهم إذ يرفضون أية رؤية نقدية لماضيهم، فإنهم وفى نفس الوقت يمجدون ماضيهم، ويسعون لاستعادته، وبالطبع تكون استعادته وبالاً على الوطن كله كما حدث فى سنة الشؤم والعار والدم والخراب التى حكموا فيها مصر عام 2012-2013. انعكاس فكر الاستعلاء على شكرى مصطفى -ذكرنا آنفاً أن شكرى مصطفى، زعيم جماعة التكفير والهجرة تربى فى مدرسة سيد قطب، وتشرب بكل مفاهيمه حول الحاكمية والتكفير والاستعلاء على الآخرين، وقد انعكس ذلك فى اتهام شكرى لمرشد الجماعة الهضيبى بالكفر، وزعم أنه سيحكم العالم بالإسلام، وأنه ميراث النبوة، وسيملأ أنهار وبحار العالم بدماء الكفار، وأنه سيعيد حكم الخلافة، وستكون القدس هى عاصمة الخلافة!! فهل اختلف هذا الذى قاله شكرى مصطفى عام 1977 عما قاله صفوت حجازى عام 2013 فى رابعة بأن مصر ستكون إحدى ولايات دولة الخلافة الإسلامية والتى عاصمتها القدس؟! ويعتبر شكرى مصطفى المؤسس الثالث لجماعة الإخوان وكان يحظى بتأييد ودعم مصطفى مشهور. - ولم يخرج فكر شكرى مصطفى وجماعة الإخوان عن فكر جماعات الخوارج، بل أخذوا يكفرون من ارتكب أى معصية من سرقة أو شرب خمر أو زنى تخرج المسلم على إسلامه وتورده جهنم خالداً فيها أبداً لأنه من الكفار، لذلك رفض شكرى مصطفى الصلاة حتى مع غيره من الإخوان المسلمين فى السجن، فقد تلبسته فكرة أن الإسلام غاب عن الدنيا، وأن من يتبعه وزمرته هو المسلم حقاً. وأوصى أتباعه بالسفر إلى اليمن لأن منه سينطلق نور الإسلام من جديد، لذلك لم يكن غريباً أن نجد موضوع اليمن يرد كثيراً فى كتابات حسن البنا وسيد قطب، بل إن من قادة الإخوان اليوم من نجده يلجأ إلى اليمن بعد فراره من مصر مثل محمود عزت. انعكاس فكر الاستعلاء على محمد مرسى - إن المتابع لعام الظلام والشقاء الذى عاشته مصر فى ظل حكم الإخوان برئاسة مرسى سيجد فكر الاستعلاء منعكساً فى خطبه وسلوكياته، كما سيكتشف تشابهاً كثيراً بين مقولات مرسى وكتابات سيد قطب، فليس هذا غريباً فقد كان قطب أستاذه ومعلمه، لذلك طلب مرسى نسخة من كتاب المعالم ليأنس به فى سجنه!! - فنجد مرسى يقول: «أنا رئيس بعد ثورة وممكن نضحى بشوية علشان الوطن كله يمشى»- 24 مارس 2013، كما يقول: «أنا ضد أى إجراءات استثنائية، لكننى لو اضطررت سأفعل، وها أنا أفعل» - 27 يناير 2013، ويقول أيضاً: «إن على الناس أن تقول (نعم) للدستور الذى أعددته تأسيسية «الإخوان» كى ينتهى الإعلان الدستورى». فى لقاء تليفزيونى قبل الاستفتاء على الدستور. - وإذا قمنا بتحليل إجراءات محمد مرسى منذ تولى الحكم حول استعداده للتنازل عن أراضى شمال سيناء لحماس، وتجنيس آلاف الفلسطينيين بالجنسية المصرية، واستعداده أيضاً للتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان ومنح قطر حق استغلال منطقة القناة، يجد تطابقاً كاملاً مع فكر سيد قطب فى كتاب المعالم بأن الوطن عنده كما عند أستاذه سيد قطب بلا حدود وبلا خصائص ولا نشيد قومى، وإنما هو وطن العقيدة وحدها، لذلك لم يكن غريباً فى مدارس جماعة الإخوان (400 مدرسة) أن يُلغى فيها تحية العلم والنشيد القومى، وأن تلغى كلمة الوطن نهائياً من كتاب التربية الوطنية لسنة أولى ثانوى، وتحمل كلمة (الجماعة) بدلاً من الوطن، وأن يكون الولاء، كل الولاء للجماعة فقط، كذلك لم يكن غريبا أن نرى طلاب الإخوان يهتفون ببجاحة وسفاهة وانحطاط لم تشهد مصر له مثيلاً من قبل فى تاريخها «تسقط مصر» بل ويحرقون علم مصر فى ميدان التحرير يوم 19 نوفمبر الماضى، الأمر الذى أثار غضب جموع المصريين وزاد من ثورتهم ونقمتهم وكراهيتهم لجماعة الإخوان التى كشفت بشكل نهائى عن وجهها القبيح وعنصريتها عدم وجود أى انتماء وطنى لها. والخطير فى الأمر أن مرسى عندما أفرج عن إرهابيين ومجرمين وقتلة «850 فرداً» مارسوا العنف وسفكوا دماء الأبرياء تحت لافتة الدين، كان يستهدف بذلك إنشاء طليعة عسكرية دعا لها سيد قطب فيما أطلق عليه «تنظيم حركى منعزل عن المجتمع الجاهلى» بل حاول قطب استخدامها لإسقاط نظام حكم عبدالناصر عام 1965، وقد أثبتت الاتصالات الهاتفية التى رصدت بين مرسى وأيمن الظواهرى أن هذه الطليعة العسكرية ستكون وسيلة جماعة الإخوان فى تدعيم حكمها ويتأكد هذا المفهوم عندما نكتشف أن سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة الإخوانى قد طالب مرسى بإنشاء حرس ثورى مصرى ليدافع عن نظام الحكم الإخوانى ويكون بديلا عن الحرس الجمهورى وبتكلفة 250 مليون دولار قدمتها قطر لخالد مشعل رئيس حماس ليتولى تدريب هذا الحرس الثورى الإخوانى. وبنفس الفكر الاستعلائى الذى دعا له سيد قطب، طبقه محمد مرسى فى مخاصمة كل القوى السياسية والثقافية والإعلامية المصرية، واعتبرها قوى تخريبية ينبغى مقاطعتها وإقصاؤها عن المشاركة فى حكم مصر الذى تستفرد به جماعة الإخوان، لذلك قام مرسى بأخونة 11000 منصب قيادى وإدارى فى جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات فى مصر «طبقا لإحصاء رئيس حزب النور الذى قدمه لمحمد مرسى». ومن مظاهر الاستعلاء الإخوانى على الآخرين أن نجد المواقع الالكترونية للإخوان تطلق على جبهة الإنقاذ «جبهة الخراب»!! خلاصة القول إن فكر الإخوان سواء فيما يتعلق بالسمع والطاعة أو بالاستعلاء والاستكبار على من هم سواهم، هو نفس فكر جماعات الخوارج التى ظهرت عبر القرون الماضية، معتبرين أنهم الفئة المسلمة وحدها، والفئة الناجية دونا عن باقى المسلمين الذين كفروهم واستحلوا حرماتهم، لذلك حذر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين من جماعات الخوارج هذه فى حديثه الشريف: «يخرج فيكم حداث الأسنان، سفهاء الأحلام، تحقرون صلاتكم لصلاتهم، وصيامكم لصيامهم، يقرأون القرآن ولا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» حيث يصف حضرته خوارج هذا العصر بأنهم صغار السن يكثرون من الصلاة والصيام وقراءة القرآن إلا أنهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية وما ذلك إلا لكونهم مصادر فتنة وخراب وهدم فى المجتمعات الإسلامية تقوضها وتدمرها باسم الدين والدين منها براء. كما يحذرنا المولى عز وجل من الاستعلاء والاستكبار على الآخرين وذلك فى قوله تعالى: «فأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذاباً أليماً ولا يجدون لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً» (النساء 173)، وأيضا قوله تعالى: «إنه لا يحب المستكبرين» (النحل 23)، ذلك لأن هذه الصفة المقيتة تولد ممارسات بغيضة أخطرها - كما شاهدنا - تكفير من يستعلون عليهم ويستحلون حرماتهم الى جانب ممارسة الكذب والغش والخداع والتضليل والتدليس، بدعوى أن «الضرورات تبيح المحظورات»، ناهيك عن استخدام العصا لتأديب من هم دون الإخوان فى العقيدة. فقد قدم الإخوان أنفسهم للمصريين فى الانتخابات بأن جماعتهم «راعية الحل الإسلامى»، وأكدوا أنهم عندما يصلون الى الحكم أن يقيموا العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحرية الرأى، فماذا كانت النتيجة عندما وصلوا الى الحكم؟ اتضح للجميع أن الإخوان لا يؤمنون لا بالديمقراطية ولا العدالة ولا حتى فى داخل مجتمعهم الإخوانى، وأن الديمقراطية هى فقط من أجل توصيلهم للحكم، وبعد ذلك وداعا للديمقراطية، ومن البديهى أن فاقد الشىء لا يعطيه، كما وجدنا إعوجاجا فى إقامة العدل وعدم احترام الرأى الآخر، وضاقت صدورهم بالمخالفين بل وإرهابهم وترويعهم الى حد القتل. كما ثبت للمصريين أن الإخوان الذين يتظاهرون بالفضيلة والغايات النبيلة والقيم الروحية الأصيلة، إنما هم فى الحقيقة يمارسون أحقر صور الخداع والتضليل والكذب والتزوير على الذين لا ينتمون لهم، بل ويتفانون فى إهانة الكرامة الإنسانية لمن يختلف معهم فى الرأى، وأن هدفهم الأوحد الإمساك بالسلطة والحكم لأطول فترة ممكنة. كما ثبت للمصريين أيضا أن جماعة الإخوان هو تنظيم سياسى بحت حتى النخاع وله أفكاره الباطنية يتاجر بالدين على سبيل التقيا، ومن يتصل بالإخوان عن قرب سرعان ما يلمس فيهم بعد برهة الروح العدائية فى نفوس الإخوان للمجتمع ونظرتهم الناقمة الساخطة على هذا المجتمع، يعتبرون كل الناس أشقياء وكفاراً وأنهم وحدهم خاصة البشرية التى وصلت الى أعلى درجات النقاء، لذلك يتعاملون وغيرهم بأقصى درجات القسوة إذا ما تحكموا فيهم. إن رفض المصريين لجماعة الإخوان ليس كما يدعون رفضا للإسلام، فنحن مسلمون من قبل الإخوان وبعدهم، ولا يجرؤ أحد أن يطعن فى إسلام وإيمان المصريين، ولكن المطعون فيهم هم الإخوان الذين لا يطبقون أى مبدأ من مبادئ الإسلام وأخلاقياته وآدابه، لذلك فإن قبول الإخوان فى المجتمع المصرى على ما هم عليه من أخلاق وسلوكيات هدامة أمر مرفوض من أساسه فقد نزعهم المصريون فى 30 يونيو الماضى من الجسد المصرى كما ينزع الجراح الورم السرطانى من الجسد الى الأبد حتى يبرأ من علله ويشفى من آلامه.
| |
|
Eid Al Said Admin
التوقيت :
عدد المساهمات : 706 النشاط : 1733 الجنس : التقيم : 0 تاريخ التسجيل : 09/08/2013
| |