تولى السلطان الأشرف طومان باى المملوكى حكم سلطنة الديار المصرية سنة 1516م، عقب مقتل عمه السلطان الغورى فى معركة مرج دابق، وانتصار السلطان سليم الأول العثمانى، وضمه بلاد الشام لحكم الدولة العثمانية وزحفه نحو قلب العالم الإسلامى (مصر).
كما روى كتاب هؤلاء حكموا مصر، لمؤلفه حمدى عثمان، أن رأى السلطان طومان باى أن يسرع بالزحف لمقاتلة العثمانيين بجنوب الشام قبل أن يصلوا إلى الأطراف المصرية فأرسل حملة على رأسها الأمير “جان بردى الغزالى” المملوكى سنة 1516م، للوقوف فى وجه العثمانيين شمال غزة.
لكن خيانة هذا الأمير أدت إلى هزيمة القوات المملوكية التى كانت معه وبذلك وصلت جنود العثمانيين إلى غزة فى طريقها إلى مصر، فأعد طومان باى جيشا بسرعة وخرج إلى الريدانية، وهى المنطقة الممتدة حاليا بين منطقة العباسية ومنطقة مصر الجديدة، وعزم على السير من الريدانية إلى الصالحية، بمديرية الشرقية الحالية، ليلتقى بالعثمانيين بعيدا عن القاهرة، غير أن أمراء جيشه أشاروا عليه بالوقوف عند الريدانية والتربص هناك للعثمانيين وغلبوه على أمره.
وفى يناير 1517م، جاء الخبر إلى الريدانية بأن العثمانيين وصلوا العريش واستولوا عليها وهى أول البلاد المصرية ثم تقدموا حتى وصلوا الصالحية، عند ذلك قرر الأشرف طومان باى السير إلى الصالحية، أملا فى مفاجأة العثمانيين قبل أن يذهب عنهم تعب الزحف عبر الصحراء، لكن أمراء المماليك تغلبوا على السلطان مرة ثانية وآثروا البقاء فى الريدانية.
وفى 22 يناير 1517م، نشبت المعركة الشهيرة الريدانية بين السلطان طومان باى والسلطان سليم الأول، ورغم فرار بعض القوات المملوكية فإن طومان باى أبدى من البسالة والشجاعة والمهارة ما جعل الجميع يشيد به العدو قبل الصديق، حتى إن السلطان العثمانى كاد يقتل فى المعركة.
لكن الداء اللعين (الخيانة) تسبب فى هزيمة قوات المماليك وانسحابها، ولجوء طومان باى بقواته إلى منطقة بولاق تاركا سليم الأول يدخل مدينة القاهرة عاصمة البلاد، غير أن طومان باى باغت معسكر العثمانيين بعد ذلك كثيرا، الأمر الذى تسبب فى إحراج القوات العثمانية.
ومرة أخرى يكاد السلطان سليم الأول العثمانى أن يقتل ويقضى عليه تحت هجمات المناضل طومان باى، الأمر الذى جعل السلطان سليم بعد ذلك يرصد مكافأة مجزية لمن يرشد عن مكان طومان باى الذى شنق على باب زويلة فى 23 إبريل 1517، وغدت مصر بذلك ولاية تابعة للدولة العثمانية، مثلما حدث قديما مع الملكة كليوباترا السابعة البطلمية.